((ثَمَرَاتُ حُسْنِ الْخُلُقِ))
عِبَادَ اللهِ! الرَّسُولُ ﷺ يَدُلُّنَا عَلَى أَنَّ النَّظِيرَ يَجْتَمِعُ مَعَ النَّظِيرِ، وَعَلَى أَنَّ الشَّبِيهَ يَلْتَصِقُ مَعَ الشَّبِيهِ، وَأَنَّ الطُّيُورَ عَلَى أَشْكَالِهَا تَقَعُ، وَأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ يُلْحِقُ الْمُمَاثِلَ بِالْمُمَاثِلِ، وَأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ يَجْمَعُ الْمُنَاظِرَ مَعَ الْمُنَاظِرِ، وَأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
فَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ -وَهُوَ صَاحِبُ هَذَا الْمَلْحَظِ الَّذِي يَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ أَعْدَاءُ الدِّينِ يَغْفُلُونُ عَنْ هَذَا الْمَلْحَظِ فِي دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ ﷺ، فَيَقُولُ: ((إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا)) .
لِأَنَّ النَّظِيرَ يَجْتَمِعُ إِلَى النَّظِيرِ، وَلِأَنَّ الْمُمَاثِلَ يُضَمُّ إِلَى الْمُمَاثِلِ، وَحَقِيقٌ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ لَا مُمَاثِلَ لَهُ، وَلَكِنَّمَا هُوَ الْأُسْوَةُ، فَهُنَاكَ وَجْهُ شَبَهٍ مَهْمَا كَانَ الْأَمْرُ ضَعِيفًا.. مَهْمَا كَانَ وَجْهُ الشَّبَهِ ضَعِيفًا فَهُنَاكَ وَجْهُ شَبَهٍ وَلَوْ كَانَ آثَارًا لَا تَرَاهَا الْأَعْيُنُ وَلَا تُدْرِكُهَا الْحَوَاسُّ.
وَإِذَنْ.. النَّبِيُّ ﷺ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فِي دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ، وَفِي عَظِيمِ رَكَائِزِ رِسَالَتِهِ، يَدُلُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَحْسِينِ أَخْلَاقِهِمْ حَتَّى لَا يَبْعُدُوا عَنْهُ ﷺ عَلَى قَدْرِ بُعْدِهِمْ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ، وَكَرِيمِ الْأَفْعَالِ، وَعَظِيمِ الشِّيَاتِ، وَلَكِنْ يُرِيدُ أَنْ يَكُونُوا عَلَى مُسْتَوَى الْخُلُقِ الْفَاضِلِ الْحَسَنِ؛ حَتَّى يَكُونُوا قَرِيبِينَ مِنْهُ ﷺ.
((وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ)).
الْمُتَفَيْهِقُونَ يَمْلَأُ الْوَاحِدُ بِاللَّفْظِ بِالْحَرْفِ مَا بَيْنَ شِدْقَيْهِ كَالطَّبْلِ الْأَجْوَفِ، ثُمَّ لَا رَصِيدَ هُنَالِكَ لِلْعُمْلَةِ الزَّائِفَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا وَهِيَ لَا تُسَاوِي الْحِبْرَ الَّذِي كُتِبَتْ بِهِ، وَلَا تُسَاوِي الْوَرَقَ الَّذِي قَدْ كُتِبَ عَلَيْهِ، لَا تُسَاوِي شَيْئًا، بَلْ إِنَّهَا سُبَّةٌ لِمَنْ يَحُوزُهَا وَتُهْمَةٌ لِمَنْ يَمْلِكُهَا فِي آنٍ؛ لِأَنَّهَا لَا رَصِيدَ لَهَا هُنَالِكَ، وَكَذَلِكَ الْأَخْلَاقُ الزَّائِفَةُ لَا رَصِيدَ لَهَا هُنَالِكَ فِي الْخُلُقِ الْحَسَنِ.
المصدر: التَّأَسِّي بِأَخْلَاقِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ ﷺ