أَهَمِّيَّةُ اِغْتِنَامِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ


 ((أَهَمِّيَّةُ اِغْتِنَامِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ))

*تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ، وَالتَّطَهُّرُ مِنَ الشِّرْكِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ:

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي الْأَيَّامِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ كَثِيرٌ وَمُتَنَوِّعٌ، وَأَعْلَى ذَلِكَ وَأَجْلَاهُ أَنْ يُطَهِّرَ الْمَرْءُ اعْتِقَادَهُ للهِ مِنْ دَرَنِ الشِّرْكِ وَالْكُفْرَانِ، وَأَنْ يُحَصِّلَ التَّوْحِيدَ الْحَقَّ مُقْبِلًا عَلَى اللهِ  بِالْإِخْلَاصِ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَسَّسَ الْمِلَّةَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ، وَهُوَ تَوْحِيدُ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَلَا يَصِحُّ عَمَلٌ وَلَا يُقْبَلُ عِنْدَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَمْ يَكُنْ مُؤَسَّسًا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْأَصِيلِ الَّذِي لِأَجْلِهِ خَلَقَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْخَلْقَ؛ فَإِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ؛ لِتَوْحِيدِهِ بِعِبَادَتِهِ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ -جَلَّ وَعَلَا-.

فَأَعْظَمُ مَا يَأْتِي بِهِ الْعَبْدُ فِي كُلِّ حِينٍ وَحَالٍ، وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ؛ إِذْ هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ؛ فَأَفْضَلُ ذَلِكَ:

 أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجْتَهِدُ فِي تَحْرِيرِ اِعْتِقَادِهِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ.

 وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَعَلُّمِ التَّوْحِيدِ- يُقْبِلُ عَلَيْهِ وَيُحَصِّلُهُ- وَفِي مَعْرِفَةِ الشِّرْكِ؛ لِيَبْتَعِدَ عَنْهُ، وَلِيَجْتَنِبَهُ، وَلِيُحَذِّرَ وَيُنَفِّرَ مِنْهُ.

لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَقْبَلَ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ تَوْحِيدٍ؛ فَهَذَا بَانٍ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ!

وَهَذَا كَالَّذِي يُقِيمُ بِنَاءَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ أَوْ كَالَّذِي يَبْنِي لَا عَلَى مُتَحَرِّكِ الرِّمَالِ بَلْ إِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْمَاءِ!!

وَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ عَمَلِهِ خَيْرٌ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يَكُونُ صَالِحًا مُتَقَبَّلًا عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَّا إِذَا تَوَفَّرَ فِيهِ الشَّرْطَانِ:

أَنْ يَكُونَ خَالِصًا مَبْنِيًّا عَلَى التَّوْحِيدِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ، بَرِيئًا مِنَ الشِّرْكِ، وَمِنَ الرِّيَاءِ، وَمِنَ السُّمْعَةِ، وَمِنْ مُلَاحَظَةِ الْخَلْقِ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ خَالِصًا للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ فِيهِ مُتَّبِعًا فِيهِ لِنَبِيِّهِ الْكَرِيمِ ﷺ.

فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُحَرِّرَ هَذَا بَدْءًا؛ لِكَيْ يَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ مَتِينٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ بَنَى عَلَى غَيْرِ هَذَا الْأَسَاسِ؛ فَلَا قِيمَةَ لِعَمَلِهِ بِالْمَرَّةِ، بَلْ إِنَّهُ رُبَّمَا كَانَ مُعَاقَبًا عَلَيْهِ مُؤَاخَذًا بِهِ.

وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ إِنَّمَا خَلَقَنَا؛ لِتَحْقِيقِ هَذَا الْأَصْلِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ إِفْرَادُ اللهِ  بِالْعِبَادَةِ، وَإِخْلَاصُ الْعِبَادَةِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ، وَتَوْحِيدُ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فَالْمِلَّةُ مُؤَسَّسَةٌ عَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ: أَلَّا يُعْبَدَ إِلَّا اللهُ، وَأَلَّا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ.

أَلَّا يُعْبَدَ إِلَّا اللهُ: ((أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)).

وَأَلَّا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ: ((أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ)).

فَهَذَا هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ يَقُومُ عَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ: عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْاتِّبَاعِ.

فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْأَصْلِ، ثُمَّ فَلْيَبْنِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَا شَاءَ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ عَلَى قَانُونِ مُحَمَّدٍ ﷺ مُتَّبِعًا فِيهِ هَدْيَ نَبِيِّهِﷺ، غَيْرَ مُبْتَدِعٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِ، وَإِنَّمَا يَسِيرُ خَلْفَ الرَّسُولِ ﷺ يَقْتَفِي أَثَرَهُ.

وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ خَالِصًا للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقَدْ خَالَطَهُ الرِّيَاءُ، وَدَاخَلَتْهُ السُّمْعَةُ!

وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ صَالِحًا وَقَدْ مَازَجَتْهُ الْبِدْعَةُ!

*مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْعَشْرِ الْمُبَارَكَةِ:

عِبَادَ اللهِ! الْإِنْسَانُ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَهِزَ هَذِهِ الْفُرْصَةَ، وَهِيَ هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا -كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ-، وَهِيَ الْأَيَّامُ الَّتِي لَا يُضَارِعُهَا أَيَّامٌ فِي وُقُوعِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِيهَا؛ فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ سَائِرِ أَيَّامِ الْعَامِ وَلَيَالِيهِ.

عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ حَيَاتُهُ الْبَاقِيَةُ {وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:64]؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ لِنَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُفَتِّشَ ضَمِيرَهُ، وَأَنْ يُرَاجِعَ قَلْبَهُ، وَأَنْ يَنْظُرَ فِي أَطْوَاءِ فُؤَادِهِ، وَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي أَخْلَاقِهِ، وَأَنْ يَفْحَصَ فِي حَقِيقَةِ عَقِيدَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَأَنْ يَنْظُرَ فِي أَصْلِ اتِّبَاعِهِ، وَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي مَسِيرَةِ حَيَاتِهِ، وَأَنْ يَتَلَبَّثَ قَلِيلًا مُتَرَوِّيًا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْظُرَ مَا فَاتَ كَيْفَ فَاتَ؟

وَهَذِهِ السُّنُونَ الْمُتَطَاوِلَاتُ لَا يُحصِّلُ الْمَرْءُ مِنْهَا الْيَوْمَ إِلَّا خَيَالًا عَابِرًا، أَوْ طَيْفًا حَائِلًا، أَوْ بَرْقًا خُلَّبًا؛ فَقَدْ مَضَتْ، فَإِنْ قِسْتَ مَا بَقِيَ -وَهُوَ قَلِيلٌ- بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا مَضَى تَجِدْهُ قَلِيلًا، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ((أَعْمَارُ أُمَّتِي بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ، وَقَلِيلٌ مَنْ يُجَاوِزُ)).

فَإِذَا تَأَمَّلَ الْمَرْءُ مَا مَضَى، وَقَدْ مَضَى بِمَا فِيهِ مِنْ لَذَّةٍ وَعَذَابٍ، وَسُرُورٍ وَاكْتِئَابٍ، مَرَّ بِمَا فِيهِ مِنْ مُعَانَاةٍ وَتَمَتُّعٍ، مَرَّ بِمَا فِيهِ مِمَّا يُؤْلِمُ الْقَلْبَ وَيُضْنِي الْفُؤَادَ، وَيَلْذَعُ الْكَبِدَ وَيَأْتِي بَالسُّهَادِ، مَرَّ هَذَا كُلُّهُ ثُمَّ صَارَ إِلَى مَاذَا؟!

إِلَى الْمُسَاءَلَةِ وَالْمُحَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ الْحَفَظَةَ بِكِتَابَةِ كُلِّ شَيْءٍ، فَذَلِكَ مُقَيَّدٌ {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6].

فَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَقِفَ وَقْفَةً مُتَأَنِّيَةً، وَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي مَكْسَبِهِ مَا هُوَ؟ وَكَيْفَ هُوَ؟ أَمِنْ حَلَالٍ هُوَ يُحصِّلُ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ هَذَا الْمَالَ أَمْ مِنْ طَرِيقٍ فِيهِ شُبْهَةٌ؟ لَا أَقُولُ: مِنْ طَرِيقٍ حَرَامٍ؛ فَهَذَا مَعْلُومٌ يَتَوَرَّعُ عَنْهُ مَنْ كَانَ للهِ  مُتَّقِيًا، وَلِعَذَابِ النَّارِ مُتَّقِيًا، وَمِنْ لَهِيبِهَا خَائِفًا.

وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ نَاظِرًا: هَذَا الَّذِي أُحَصِّلُهُ مِنْ كَسْبِ هَذِهِ الْحَيَاةِ، مَا فِيهِ؟

أَفِيهِ شُبْهَةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَرَامٍ؟!!

فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى مَطْعَمَهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى إِنْفَاقَ لَحَظَاتِ حَيَاتِهِ وَثَوَانِيهَا، وَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي أَطْوَائِهَا وَخَفَايَاهَا، وَأَنْ يَنْظُرَ فِي دَوَافِعِهِ وَبَوَاعِثِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يُرَكِّزَ فِي قَلْبِهِ، وَضَمِيرِهِ، وَخَاطِرِهِ، وَنَفْسِهِ، حَقِيقَةً لَائِحَةً لَا يَعْشُ عَنْ سَنَاهَا إِلَّا مَنْ طَمَسَ اللهُ عَلَى بَصِيرَتِهِ، وَلَا يَعْمَى عَنْ حَقِيقَتِهَا إِلَّا مَنْ كَانَ خَائِبًا خَاسِرًا فَاشِلًا!!

هَذِهِ الْحَقِيقَةُ هِيَ أَنَّ أَغْمَضَ مَا تُعَالِجُهُ، وَأَصْعَبَ مَا تُزَاوِلُهُ، وَأَعْتَى وَأَعْنَفَ وَأَقْسَى مَا تُعَالِجُهُ فِي الْحَيَاةِ: نِيَّتُكَ، كَمَا قَالَ الصَّالِحُونَ: ((مَا عَالَجْتُ شَيْئًا هُوَ أَشَقُّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي)).

وَكَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِذَا مَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يَتَلَبَّثُ حَتَّى يُحَرِّرَ النِّيَّةَ: يَسْأَلُ نَفْسَهُ، لِمَ تَذْهَبُ؟ كَمَا يَسْأَلُ نَفْسَهُ، لِمَ لَا تَذْهَبُ؟!!

وَيَسْأَلُ نَفْسَهُ لِمَ تَتَكَلَّمُ؟ كَمَا يَسْأَلُ نَفْسَهُ لِمَ لَا تَتَكَلَّمُ؟!!

وَيُفَتِّشُ فِي ضَمِيرِهِ، وَيُنَقِّبُ عَنْ حَقِيقَةِ دَوَافِعِهِ؛ لِأَنَّ الدَّوَافِعَ مُعَقَّدَةٌ، وَلِأَنَّ الْأَحْدَاثَ مُتَرَاكِبَةٌ، وَلِأَنَّ خُطَى الْحَيَاةِ مُتَسَارِعَةٌ، وَلِأَنَّ الْوَقَائِعَ فِي الْحَيَاةِ مُتَدَاخِلَةٌ مُتَشَابِكَةٌ، وَلِأَنَّ النَّاسَ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ.

وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بَعْدُ- مُحَاسِبٌ كُلَّ أَحَدٍ عَلَى مَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ؛ عَلَى مَا قَدَّمَهُ أَمَامَهُ مِنْ عَمَلٍ، وَمَا أَخَّرَهُ وَرَاءَهُ مِمَّا يَتَّبِعُهُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ بِدْعَةٍ اِبْتَدَعَهَا، أَوْ أَصْلٍ مُنْحَرِفٍ أَصَّلَهُ، فَمَا تَزَالُ أَوْزَارُ الْقَوْمِ وَآثَامُهُمْ مُنْصَبَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ... مَا قَدَّمَ وَمَا أَخَّرَ.

فَهَذِهِ فُرْصَةٌ قَدْ لَا تَعُودُ، إِنْ مَضَتْ قَدْ لَا تَعُودُ، وَالْعَبْدُ دَائِمًا عَلَى وَجَلٍ مِنْ غَدِهِ، لَا يَدْرِي أَتُشْرِقُ عَلَيْهِ شَمْسُهُ أَمْ تَأْتِي وَهُوَ فِي ظَلَامِ رَمْسِهِ؟

 ((الصَّوْمُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ))

لَا شَكَّ أَنَّ الصِّيَامَ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالرَّسُولُ ﷺ رَغَّبَ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَالصِّيَامُ مِنْ أَعْلَى الْعِبَادَاتِ، وَمِنْ أَجَلِّهَا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ))، وَبِمَعْنَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: ((عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ)).

لَا مِثْلَ لَهُ... لَا عِدْلَ له....

فَالصِّيَامُ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَحْدَهُ يَجْزِي عَلَيْهِ بِلَا حِسَابٍ، وَيُؤْتِي رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الصَّائِمِينَ أُجُورَهُمْ مَوْفُورَةً لَا يُقَادَرُ قَدْرُهَا، وَلَا تُحْصَى عِدَّتُهَا، وَهُوَ ذُو الْفَضْلِ وَالْمِنَّةِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

فَالصِّيَامُ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ -تَغْلِيبًا إِذَا وَرَدَ-؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ يَحْرُمُ صِيَامُهُ بِإِجْمَاعٍ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ: أَضْحَى وَفِطْرًا، فَهَذَا لَا خِلَافَ عَلَيْهِ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ دَلَّ عَلَى فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ؛ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَالذِّكْرُ: تَهْلِيلًا وَتَحْمِيدًا وَتَسْبِيحًا وَتَكْبِيرًا، وَيَدْخُلُ فِيهِ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ طَلَبُ الْعِلْمِ، وَبَثُّهُ وَإِذَاعَتُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الصِّيَامُ، وَالزَّكَاةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، وَالْعَطْفُ عَلَى الْأَيْتَامِ وَالْمَسَاكِينِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ، وَمَا أَشْبَهَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ؛ فَيَدْخُلُ الصِّيَامُ.

 

المصدر: فَضَائِلُ عْشَرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ، وَفِقْهُ الْمَقَاصِدِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  أَكْلُ الْحَرَامِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاطِعِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ
  رَحْمَةُ الْإِسْلْامِ فِي فُتُوحَاتِهِ وَنَبْذُهُ لِلْعُنْفِ وَالْعُنْصُرِيَّةِ
  المَوْعِظَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : ((الْقُرْآنُ سَبِيلُ الْعِزَّةِ وَالنَّصْرِ لِلْأُمَّةِ))
  إِمَامُ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ عَلَى الْقِمَّةِ الشَّامِخَةِ
  الْوَعْيُ بِالتَّحَدِّيَّاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ وَسُبُلِ مُوَاجَهَتِهَا
  مِنْ أَسْمَى الْخِصَالِ الشَّهَامَةُ وَالْمُرُوءَةُ وَالتَّضْحِيَةِ
  التَّعْلِيقُ عَلَى أَحْدَاثِ سُورِيَّا وَضَيَاعِ دِمَشْقِ الْخِلَافَةِ وَحَلَبِ الْعِلْمِ
  حُسْنُ الخُلُقِ مِنْ كُبْرَى غَايَاتِ دِينِنَا
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ: هَجْرُ الْبِدَعِ إِلَى السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ
  آثَارٌ عَظِيمَةٌ وَثَمَرَاتٌ جَلِيلَةٌ لِلْإِيمَانِ عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَالْأُمَّةِ
  بَيَانُ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ
  كَيْفَ نُحَاسِبُ أَنْفُسَنَا؟
  مِنْ آدَابِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمَةِ: تَوْقِيرُ الْكَبِيرِ
  تَرْبِيَةُ النَّبِيِّ ﷺ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عَلَى الْجُودِ
  خَطَرُ الْخِيَانَةِ عَلَى الْأَوْطَانِ
  • شارك