((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ تَرْبِيَةً مُجْتَمَعِيَّةً صَحِيحَةً))
فَمِنْ حُسْنِ التَّرْبِيَةِ لِلطِّفْلِ؛ تَرْبِيَتُهُ عَلَى بِرِّ أَبَوَيْهِ، وَصِلَةِ أَرْحَامِهِ، وَمُرَاعَاةِ جِيرَانِهِ، وَحُبِّ إِخْوَانِهِ، وَتَعْلِيمِهِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ.
عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنَّ حَقَّ الْأَبَوَيْنِ يَلِي حَقَّ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَحَقَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْفَرْضِيَّةِ وَالْوُجُوبِ.
قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].
*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنْسَابَكُمْ؛ حَتَّى يَصِلُوا أَرْحَامَهُمْ: 72-(1فَقَدْ أَخْبَرَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ، ثُمَّ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ؛ وَاللَّهِ إِنَّهُ لِيَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ الشَّيْءُ، وَلَوْ يَعْلَمُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ دَاخِلَةِ الرَّحِمِ، لَأَوْزَعَهُ ذَلِكَ عَنِ انْتِهَاكِه». وَالْحَدِيثُ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ، وَصَحَّ مَرْفُوعًا». أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ بِطُرُقِهِ الْأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيحَةِ»، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ عِظَمَ حَقِّ الْجَارِ؛ فَإِنَّ الْجَارَ لَهُ حَقٌّ بِإِطْلَاقٍ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَانَ كَافِرًا، سَوَاءٌ كَانَ طَائِعًا أَمْ كَانَ عَاصِيًا، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ كَانَ جَاهِلًا، سَوَاءٌ كَانَ مُصَالِحًا أَمْ كَانَ مُخَاصِمًا.
الْجَارُ مُطْلَقُ الْجَارِ لَهُ حَقٌّ؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ وَرَدَتْ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، وَهَذَا نَبِّيُكُمْ ﷺ يَقُولُ قَوْلًا مُرْسَلًا عَامًّا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ: ((مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ)).
*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا جَسَدٌ وَاحِدٌ:
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ! لَقَدْ مَثَّلَ النَّبِيُّ ﷺ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ بِالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَهَذَا هُوَ الْمِثَالُ الصَّحِيحُ لِكُلِّ شَعْبٍ مُؤْمِنٍ.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» .
فَعَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ الْحُبَّ -حُبَّ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ-؛ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: ((وَاللهِ! لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَينَكُمْ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).
*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَرَبُّوهُمْ عَلَى أَدَائِهَا:
ثَبَتَ فِي ((صَحِيحِ مُسْلِمٍ)) -وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ))- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ)) .