تفريغ مقطع : إيَّاكَ أنْ تقولَ على اللهِ ما لا تَعْلَم
((إيَّاكَ أنْ تقولَ على اللهِ ما لا
تَعْلَم))
أخرج ابن
عبد البر -رحمه اللهُ- بسنده عن عن عبد الرحمن بن مهديٍ -رحمهُ اللهُ- قال:
((كنَّا
عند مَالكِ بن أنس، فجاءَه رجلٌ، فقال: يا أبا عبد الله، جِئتك مِن مسيرة ستة
أشهر، حمَّلَني أهلُ بلدي مسألة أسألُك عنها.
قال: سَل.
فسأله
الرجل عن المسألة، فقال مَالكٌ: لا أُحسنُها
قال: فبُهِت
الرجلُ كأنه قد جاء إلى مَن يعلمُ كلَّ شيء
فقال: أيَّ
شيءٍ أقولُ لأهلِ بلدي إذا رجعت إليهم؟
قال:
تقولُ لهم، قال مَالكٌ: لا أُحْسِنُ)).
وقال ابن وهب: سمعت مالكًا وذكر قول القاسم بن محمد: ((لأن يعيش الرجلُ جاهلًا
خيرٌ من أن يقول على الله ما لا يعلم)).
ثم قال:
((هذا أبو بكرٍ الصديقُ وقد خصَّه الله تعالى بما خصَّهُ
به من الفضل يقول : ((لا أدري)).
وقال ابن وهب: حَدثَنِي مَالكٌ قال: ((وَكان رسولُ الله -صلى
الله عليه وسلم- إمامَ المسلمين, وسّيَّدَ العَالمين يُسألُ عن الشيءِ فلا يجيبُ حتى
يأتيه الوحي)).
وعن عبد الرزاق قال: قال مالكٌ: كان ابن عباسٍ يقول: ((إذا أخطأ العَالِم لا
أدري أُصيبت مَقاتِلُه)).
وهذا
منقطعٌ مِن هذا الوجه؛ فإن مالكًا لم يدرك ابن عباسٍ ولكنه وصله مِن وجهٍ آخر.
عن
يحيى بن سعيدٍ قال:
قال ابن عباس: ((إذا تَركَ العَالِم لا أعلم فقد أصيبت
مقاتله)).
ويحيى بن
سعيدٍ هو الأنصاري رَوَى عنه مالك, ولكن الرازي لم يذكر له روايةً عن ابن عباسٍ –رضي
الله عنهما-.
فهذا شأنُ
العلماء من سلفِ الأمة في تركِ الدعوى لما لا يحسنونه, وفي هضمِ النفس وبذلِ
النصح, حتى إن الشافعي -رحمه اللهُ- يقول: ((ما ناظرتُ أحدًا
فأحببت أن يخطئ، وما في قلبي مِن عِلم، إلا وددتُ أنه عند كل أحد، ولا يُنسب إليَّ)).
وعن الربيع قال: ((سمعت الشافعي، ودخلت عليه
وهو مريض، فذكر ما وضع مِن كتبه، فقال: لوددت أنَّ الخلقَ تعلمه ولم يُنسب إليَّ منه
شيءٌ أبدًا)).
وعن حرملةَ بن يحيى قال: سمعت الشافعي يقول: ((وددتُ أنَّ كلَّ عِلمٌ
أعلمه، تعلمه الناس، أُوجَرُ عليه ولا يحمدوني)).
التعليقات
مقاطع قد تعجبك