تفريغ مقطع : عقوبةُ أهل الدَّعْوَى في العلمِ والقرآن
((عقوبةُ أهل الدَّعْوَى في
العلمِ والقرآن))
وقد توعَّدَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أهل الدعوى في
العلمِ والقرآن بالنار وبئسَ القرار:
فعن
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يَظهرُ
الإسلامُ حتى تختلفَ التُّجارُ في البحار-أي: يكثرُ ذهابهم ومجيئُهم في
البحارِ للتجارة-، وحتى تَخوضَ الخيلُ في سبيلِ الله -أي: تعبر لُجَّةَ الماء غازِيةً في سبيل الله-، ثم يَظهرُ قومٌ يقرؤون القرآن، يقولون: مَن أقرأُ منا؟-يُعجَبون
بتفوُّقهِم حتى يُفسِدَهم العُجب ويُحبِطَ عملهم- يقولون:
مَن أقرأُ منا؟ مَن أعلمُ منا؟ مَن أفقهُ منا؟))
ثم
قال لأصحابه: ((هل في أولئك مِن خير؟))
قالوا:
((الله و رسولهُ أعلم)).
قال: ((أولئك مِنكم مِن هذه الأمة،
وأولئك هم وقودُ النار)).
والوَقُودُ:
بفتح الواو ما توقد به النار مِن حطبٍ وحجارةٍ وغيرهما
وأما
الوُقُود: بالضم فمصدرٌ
قال
المنذري: رواهُ
الطبراني في ((الأوسط)) والبزَّار بإسنادٍ لا بأس به, ورواه أبو يعلى والطبراني
أيضًا من حديث العباس -رضي الله عنه-, وحسَّنَ الألباني رواية عمر وكذا رواية
العباسِ –رضي الله عنهما-.
وهذا
الحديث مِن دلائلِ نبوةِ نبيِّنا محمد -صلى الله عليه وسلم-, فقد وقعَ ما أخبر عنه
-صلى الله عليه وسلم- ممَّا يتعلق بعَالَمِ الشَّهادة كما أخبر عنه, فلم يَتخلَّف
منه شيء, وأمَّا ما يتعلقُ بعَالَمِ الغيب ممَّا أخبر بوقوعهِ في الآخرة فآتٍ لا
محالة -نسأل الله العافية والسلامة-.
وعن عبد
الله بن عباس –رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه
قامَ ليلةً بمكةَ من الليل فقال: ((اللهم هل بلغت؟))
ثلاثَ مرات.
فقام عمر
بن الخطاب وكان أوَّاهًا –والمُتأوه: المتضرع, وقيل هو كثيرُ البكاء, وقيل كثير
الدعاء- فقال: ((اللهم نعم)) -وهذه
مَنقَبَةٌ لعمر -رضي الله عنه- إذا يشهدُ بذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((اللهم نعم وحرَّضتَ وجهدتَ ونصحتَ)).
فقال -صلى
الله عليه وسلم-: ((ليَظهَرنَّ -
مِن الظهورِ بمعنى: الغَلبة والعُلو- ليَظهَرنَّ
الإيمان حتى يُرَدَّ الكُفرُ إلى مواطنه –حتى ينخذِل الكُفر أمَام الإيمان, وحتى يرجع من حيث أتى-, ولتُخاضَنَّ البحار بالإسلام –ليركبنَّ
جنودُ المسلمين البحار غَازِينَ فاتِحين- وليأتِيَنَّ
على الناس زمانٌ يتعلمون فيه القرآن, يتعلمونه ويقرؤونه -فترُوجُ سوقُ
العلم والقراءة- ثم يقولون: قد قرأنا وعَلِمنا فمَن
ذا الذي هو خيرٌ منَّا؟ فهل في أولئك من خير؟!))
قالوا: ((يا رسول الله مَن أولئك؟!))
قال: ((أولئك مِنكم, وأولئك هم وقود النار)).
قال المنذري: رواه الطبراني في ((الكبير)) بإسنادٍ حسنٍ إن شاء الله,
وحسَّنه الألباني.
التعليقات
مقاطع قد تعجبك