إذا
سألك النصراني عن حادثة الإفك فضع هذا الجواب
نحنُ المُقصِّرون,
ونحنُ المُقصِّرينَ مِنَ المُسلمينَ مِمَّن أتاهُم اللهُ ربُّ العالمينَ أَثَارةً
مِن عِلم, مُحاسَبونَ بينَ يَدَيْ ربِّ العَالمِين.
لا نُعْمِلُ
العقلَ في الدِّفَاعِ, وإنَّمَا نُعمِلُ الحنجَرَةَ في الكِفَاح, وَهِي لا تُغْنِي
شيء! كَيف؟
أَبُو بَكْر
البَاقِلَّانِي كانَ مِن أذْكَى عُلَمَاءِ المُسلِمِينَ فِي عَصرِه.
يَقُولُ
العُلمَاءُ: ((لو أنَّ
رَجُلًا حَلَفَ لَيُعطِيَنَّ صَدقَتهُ أَذْكَى النَّاس, لَمَا جَاز لَهُ أنْ يَدفَعَهَا
لِأحدٍ سِوَى أبي بَكرٍ البَاقِلَّانِي صَاحِب [إعجَازِ القُرآن] –رَحمةُ
اللهِ عَليهِ-)).
وَهُو وَإنْ
كانَ على مَذهَبِ المُتَكَلِّمينَ –يَعنِي: كانَ فيهِ في العَقيدَةِ بعضُ تَأوِيلٍ وَمَا أَشبَه-
إِلَّا أنَّ اللهَ ربَّ العَالمِينَ أَتاهُ عَقْلًا يَدفَعُ بهِ عَن جَنَابِ الشرِيعَةِ
المُطَهَّرَةِ دِفَاعًا مَجِيدًا. كَيف؟!
أَرسَلَ مَلِكُ
الرُّوم -وَحَاكِمُهَا في وَقتِهِ- إِلَى الخَلِيفةِ, أنْ أَنفُذْ إِلَيَّ وَاحِدًا
مِن عُلَمَائكُم لِكَي أَسأَلهُ, فَلَم يَجِد إِلَّا أبَا بَكر -رَحمَةُ اللهِ عَليهِ- فَأَنْفَذَهُ.
جَلَسَ الحَاكِمُ
وَكانَ عَلى دِينِ المَسِيحِ –بِزَعْمِهِ-, جَلَسَ عَلى كُرسِيِّهِ وَجَعلَ خَوْخَةً هُنَالِكَ
–فَتْحَةً- ,بِحيثُ إِذَا مَا أَرَدتَ أَنْ تَدخُلَ مِنهَا,
لمْ تَنفُذْ مِنهَا إِلَّا رَاكِعًا فِي الجِهَةِ المُقَابِلَة.
وَجَلَسَ
الحَاكِمُ عَلى عَرشِهِ وَمَعَهُ بَطَارِقَتُهُ وَأَهلُ دِينِهِ, وَأَتَى الحَرَسُ
بِأَبِي بَكْرٍ؛ فَأوْقَفُوهُ عِندَ الخَوْخَةِ, وَقَالُوا لَهُ: أنْفُذْ عَلَى رِسْلِك,
فَفَطِن وَلم يَكُن قَد رَأَى المَلِكَ عَلَى عَرشِهِ جَالِسًا دُونَهَا, حَتَّى إِذَا
مَا خَرَجَ عَلَى يَدَيهِ وَرِجلَيهِ, قَامَ رَاكِعًا بَينَ يَدَيهِ!!
أَيُذِلُّ
دِينَ الإِسلَامِ الحَنِيف؟!
أَيَنزِلُ
بِشَرعِ المُصطَفَى الشَّرِيف ﷺ؟! مَاذَا فَعَل؟!
أَدَارَ ظَهرَهُ
وَدَخَلَ بِعَجُزِهِ وَرِدْفِه, ثُمَّ قَامَ يَنفِضُ ثَوبَهُ وَظَهْرَهُ لِلمَلِكِ
حَتَّى اسْتَوَى قَائِمًا ثُمَّ استَدَارَ إِليهِ.
فَاغْتَاظَ
مِنهُ جِدًّا, فَأَقْبَلَ عَليهِ فَقَالَ: حَدِّثْنِي عَن تِلكَ الحَادِثَةِ الَّتِي
وَقَعَت لِزَوجِ نَبيِّكُم ﷺ يَعْنِي: حَادِثَةَ
الإِفْكِ.
قَالَ: اسْمَع -وَالبَطَارِقَةُ يَسمَعُونَ- اسْمَع؛ هُمَا اثْنَتَانِ:
وَاحِدَةٌ لهَا زَوجٌ وَلم تَأتِي بِوَلَدٍ, وَوَاحِدَةٌ لَا زَوجَ لهَا وَأَتَتْ
بَوَلَد!
فَإنْ صَدَّقْتَ
فِي هَذهِ, فَحَقِيقٌ وَجَدِيرٌ أَنْ تُصَدِّقَ في تِلكَ, وَهُمَا مَعًا مُبَرَّأَتَانِ
مِن كُلِّ سُوءٍ.
يَعْنِي: مَريَم
أُمَّ المَسِيح -عَلَيْهَا السَّلَام-.
يَقُولُ: هِيَ لَا زَوجَ لَهَا وَأَتَتْ بِوَلَد! عَائِشَةُ لهَا
زَوجٌ, وَلَمْ تَأتِي بِوَلَد!
فَإِنْ صَدَّقْتَ
فِي هَذهِ الَّتِي لَهَا زَوجٌ وَلَمْ تَأتِي بِوَلَدٍ؛ فَمِن بَابِ أَوْلَى أَنْ
تُصَدِّقَ فِي الَّتِي أَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَا زَوْجَ لهَا, وَهُمَا عِندَنَا فِي أُصُولِ
عَقِيدَتِنَا مُبَرَّأَتَانِ أَطْهَرُ طُهْرًا مِنْ مَاءِ المُزْنِ مِنْ مَاءِ السِّحَاب.
فَانْظُر كَيفَ
دَفَع.. لَا مُتَشَنِّجًا, وَلَا مُتَعَصِّبًا, وَلَا مُهَوِّلًا, وَإِنَّمَا بِالحُجَّةِ
يَقْرَعُ بِهَا وَجْهَ الكَافِرِ, حَتَّى تَكُونُ كَالسَّوْطِ يَشْنِيهِ شَيًّا!!
نَعَم جَعَلَهُ
فِي السَّفُّودِ, فَأَذَاقَهُ مَا أَذَاقَهُ مِن مَسِّ اللَّظَى, وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي
أَنْ يَكُونَ المُسْلِمُونَ.
وَمَا رَدَّ
المُسْلِمُونَ عَلَى المُسْتَهْزِئِينَ بِالنَّبِيِّ الكَرِيمِ رَدًّا هُوَ أَقْوَى,
وَلَا أَصْلَبُ, وَلَا أَمْتَعُ مِن أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِدِينِ النَّبِيِّ الأَمِين.
حِينَئذٍ يَنْتَشِرُ
العَدلُ, وَيَذهَبُ الظُّلمُ وَالجَوْرُ.
فنَقُولُ هَذَا
دِينُ مُحَمَّدٍ ﷺ.
حِينَئِذٍ
تَذْهَبُ الخُرَافَةُ, وَيَعْلُو شَأنُ العَقلِ بِالإِسْلَامِ الحَنِيفِ الشَّرِيفِ,
وَحِينَئِذٍ نَقُولُ هُوَ دِينُ مُحَمَّدٍ ﷺ.