تفريغ مقطع : وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ}
قال
القاسميُّ (رحمهُ اللهُ):
((قوله
تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ
الْأَقَاوِيلِ}؛ أي:
افترى علينا, وسَمَّى الكذب تقوُّلًا، لأنه قولٌ مُتكلفٌ، كما تشعر به صيغة التفعُّل.
والْأَقاوِيلِ:
إمَّا جمع (قولٍ) على غير القياس، أو جمع الجمع كالأناعِيم، جمع أقوالٍ وأنعامٍ.
قيل: تسمِيَةُ
الأقوالُ المفتراةِ (أقاوِيل) تحقيرٌ لها، كأنها جمع أُفعولة من القول، كالأضاحيك)).
{لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ
* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ}:
قال ابن جرير –رحمه
الله- ((أي لأخذنا
منه بالقوةِ منا والقدرةِ، ثم لقطعنا منه نِياطَ القلب, وإنما يعني بذلك أنه كان يُعاجِلُه
بالعقوبة، ولا يؤخِّرهُ بها)).
وهذا في حقِّ رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وقد عصَمَهُ الله تعالى مِن هذا كله, فكيفَ بمَن دونَه ممَّا لا يبلغُ
عِلمُه إلى عِلمِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- تَفْلَةً في بحر, ولا حبَّةً
مِن رملٍ في صحراءَ بلا مُنتهى؟!
ومع ذلك فإنهم يقولون على اللهِ
بغيرِ علم, ويبتدعون في دينِ الله تعالى ما لم يُنزل به تعالى سلطانًا, ومَا لَم
تَقُمْ به حُجَّة, فيُدخِلونَ في الدِّين مَا ليسَ منه, ويَنفُونَ عن الدِّينِ ما
هو ثابتٌ فيه!!
وكلُّ ذلك ولا يَطرفُ لأحدٍ منهم
جَفنٌ, ولا يتحركُ منه ساكنٌ!!
يَتقوَّلُ على اللهِ ربِّ العالمين
ويُسنِدُ إلى اللهِ –جل
وعلا- مَا لَم يَقُلهُ مِن غيرِ أن يُراعِي في ذلك أحدًا -لا دينًا ولا تقوى-!!
ومِن غيرِ أن يخَاف على دينِ الله –جلَّ
وعلا- أن يَخلِطَ به مَا ليسَ مِنهُ! أو أن يَحذِفَ منه مَا هوَ منه؛ فيَبتَدِعُ
في دينِ الله –تبارك
وتعالى- ويَجعل في الدِّين مَا لَم يُنزِّل به سلطانًا.
فعَلى المُسلم أن يُراقِب نفسَه في
هذا, وأن يَكُفَّ نفسَه عن الكلامِ في الدِّين إلَّا فِي مَا يُحسِنُهُ, وَفِي مَا
هُوَ مِنهُ علَى يَقينٍ, وأمَّا أنْ يَتَكلَّم هَكذا جُزَافًا فَيقولُ هَذا حَرام
وهَذا حَلال!!
فإنَّ الله –جل
وعلا- يقولُ له: كَذَبْت؛ لَم أُحِلَّ هذا وَلَمْ
أُحَرِّمْ هذا, وَلَيسَ فِي صُنوفِ المُحرمَاتِ التي حَرَّمَها اللهُ لذَاتِهَا
مَا هوَ أكبَرُ مِن القَولِ علَى اللهِ بلَا عِلمٍ, فَهَذا أعظمُ المُحرَّماتِ
تحريمًا وهوَ بابُ البدعَةِ والشِّرك.
نَسألُ اللهَ السلامَةَ والعَافيةَ,
وَنسألُه تعالى أن يُسدِّدَ أَلسِنتَنَا, وَأنْ يُطهِّرَ قُلوبَنَا إنَّهُ تَعَالى
علَى كُلِّ شَيءٍ قَدير, وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.
التعليقات
مقاطع قد تعجبك