و برحمتهِ استوى على عرشهِ باسمِ الرَّحْمَن، قال -سبحانه وتعالى-: {الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ} [طه: 5]؛
لأنَّ العرشَ محيطٌ بالمخلوقات؛ قد وَسِعَهَا، والرحمةُ محيطةٌ بالخَلْقِ واسعةٌ لهم، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156].
فاستوى على أوسعِ المخلوقاتِ بأوسعِ الصِّفات؛ فلذلكَ وَسِعَت رَحْمَتُهُ كلَّ شَيء، استوى تعالى على عرشهِ، وقال –سبحانه- وهو الرحمن{الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ} [طه: 5]، و قال–سبحانه-: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156].
فكما أنَّ العرشَ محيطٌ بالمخلوقات، وهو مِنْ خَلْقِهِ، فرحمتهُ تعالى محيطةٌ بالخلقِ واسعةٌ لهم: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}، فاستوى على أوسعِ المخلوقاتِ بأوسعِ الصفاتِ؛ فلذلك وَسِعَت رحمتهُ كلَّ شيء
ولمَّا استوى على عرشهِ بهذا الاسم: ((الرَّحْمَن)) الذي اشتقهً مِن صفتهِ وتَسَمَّى به دونَ خَلْقِهِ؛ كتبَ بمقتضاهُ على نَفْسِهِ يومَ استوائهِ على عرشهِ حينَ قضى الخَلْقَ؛ كتبَ كِتابًا؛ فهو عنده وضعهُ على عرشهِ: أنَّ رحمتَهُ سَبَقَت غضبَهُ.
وكان هذا الكتابُ العظيمُ الشأنِ كالعهدِ منه –سبحانهُ- للخَليقةِ كلِّها بالرحمةِ لهم والعفوِ والصفحِ عنهم والمغفرةِ والتجاوزِ والسترِ والإمهالِ والحِلمِ والأناةِ فكانَ قيامُ العالمِ العلويِّ والسُّفليِّ بمضمونِ هذا الكتاب، الذي لولاهُ لكان للخَلْقِ شأنٌ آخر.