تفريغ مقطع : حافظوا على أنفسكم وعلى أعراضكم
حجزَ الإسلامُ
العظيم المرءَ المسلمَ عن التَّورطِ في الفاحشةِ إذا أسلمَ المرءُ المسلمُ زمامَهُ
للشرعِ الأغَرِّ، وسَدَّ اللهُ ربُّ العالمين بالنصوصِ التي جاءَ بها النبيُّ –صلى
اللهُ عليه وسلم- كتابًا وسُنَّة جميعَ المسالكِ التي تؤدي إلى التَّورطِ في
الفُحشِ والفاحشة.
القرآنُ العظيم
كما رأيتَ في حقِّ أشرفِ النساءِ طُرًّا يأمرُ بهذا الذي مَرَّ ذِكْرُهُ؛ مِن عدمِ
رؤيةِ الأبدان: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ
مِن وَرَاءِ حِجَابٍ}؛ والسائلُ هو مَن هو، والمسئولُ هو مَن هو، ومع ذلك
يأتي التعليلُ: {ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}
[الأحزاب: 53].
ثم إذا ما وقع
جوابٌ عن سؤال، فكيف نَغْمَةُ الصَّوت؟ وكيف يكونُ الأداءُ فيه؟
بغيرِ خضوعٍ في
القولِ وبغيرِ لينٍ فيه، مع القولِ المعروف مِن غيرِ نُطقٍ بما يَسوء، ولا إغلاظٍ
ولا فُحْشٍ فيه، فهذا هو الانضباطُ الأمثل في هذا الأمرِ ضربَهُ اللهُ ربُّ
العالمين بأشرفِ النساءِ طُرًّا مِثالًا يُحتذَى لنساءِ الأمة.
والنبيُّ –صلى
اللهُ عليه وعلى آله وسلم- يقول –كما في حديثِ
عُقبة بن عامرٍ –رضي الله عنه-، وهو حديثٌ متفقٌ على صحته، قال عقبة –رضي الله
عنه-: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ((إياكم والدخولَ
على النساء)).
قال:
فقال رجلٌ من الأنصارِ: أفرأيتَ الحَموَ؟
قال: ((الحمو الموت)).
والحمو: أقاربُ
الزَّوْج ممن ليس بمحرمٍ للزوجة، فإنَّ أصولَ الزوجِ وإنْ عَلَت؛ هم من المحارمِ،
وكذلك فروعُهُ وإنْ سَفُلُوا؛ هم من المحارمِ، وأما الحواشي؛ فمِن الأجانبِ عن
المرأة؛ كالأخِ وابن الأخِ، وكذلك ما يتأتى بعد ذلك من أولئك الذين يدخلون من
أقاربِ الزوجِ على المرأة، الحَمْو !!
فقال: ((الحمو الموت)): أي كما ينبغي عليك أنْ تَفِرَّ
مِن أسبابِ الموتِ إذا ما رأيتها نازلةً عليك، فكذلك ينبغي عليك أنْ تَفِرَّ مِن
الجمعِ بين نسائك وأقاربك من الرجال ممن لم تَثْبُت لهم المَحْرَمية، وأما أبو
الزوجِ وابنُهُ من غيرِ المرأةِ؛ فهؤلاء من المحارمِ، وأما الحواشي؛ فهؤلاء يقول
عنهم النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((الحمو
الموت)).
((إياكم والدخولَ على النساء)).
قال: أفرأيتَ الحمو؟
قال: ((الحمو الموت)).
فجعل النبيُّ –صلى الله
عليه وعلى آله وسلم- هذا السِتْرَ مَضروبًا لعفافٍ وعِفَّة وطُهرٍ وطهارة، فأما
إذا ما رُفِعَ؛ فحينئذٍ يتأتى الفُحْشُ والفاحشة، ولا ينبغي لأحدٍ أنْ يَثِقَ
بنفسِهِ في أمثالِ هذه الأمور كائنًا ما كان أَمْرُه، فإنَّ أسبابَ الغوايةِ لا
تنضبط، وإنَّ المخذولَ لمَن خَذَلَهُ اللهُ ربُّ العالمين، والمرءُ إذا تلوثت صفحتُهُ
بالوقوعِ في الزِّنا والتورطِ في الفاحشة؛ فقد تَلَوَّثَ، وإنَّ الإيمان ليرتفعَ
عنه كما قال النبيُّ –صلى الله عليه وعلى آلهِ وسلم- حتى يَرجعَ –حتى
يُقْلِعَ-، فإذا أقلعَ عاد، وأما في حالِ مواقعتهِ لفُحْشهِ وفاحشته، فالإيمانُ
فوقَ رأسِهِ كالظُّلَّة.
والنبيُّ –صلى الله
عليه وعلى آله وسلم- يمنعُ مِن هذا الاختلاطِ على هذا النَّحو، وكثيرٌ من الخَلْقِ
يتساهلون، فلا يلومنَّ امرؤٌ إلا نَفْسَه، والنبيُّ –صلى الله
عليه وعلى آله وسلم- يأتي بهذا التعبير، الذي لا أبلغَ منه في مِضمارِهِ وفي
مجالهِ، يقول : ((الحمو الموت))،
الموتُ الأحمر! فحذارِ ثم حذارِ، هو أخوك وشقيقُك وقد بَلَغَ، وقد احتلمَ، وهو مع
المرأةِ –مع امرأتِك- في بيتك، فَتَدَعُهُ معها وتمضي، وتَدَعُ الشيطانَ ثالثَهما
كما أخبرَ رسولُ الله –صلى الله عليه
وعلى آله وسلم-، ولا تدري، فأسبابُ الغوايةِ لا تنضبط.
والنبيُّ –صلى الله
عليه وسلم- قد أخبر أنَّ العينين تزنيان كما في الحديثِ عن أبي هُريرةَ –رضي
اللهُ تبارك وتعالى عنه- عن النبيِّ –صلى الله عليه
وعلى آله وسلم-: قال: ((الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ،
وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ)). نعم، ((الْعَيْنَانِ
تَزْنِيَانِ، وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ))، وهذه الفواحشُ التي باتت
وأصبحت معروضةً على الخَلْقِ في الأرضِ مما صنعَ المبطلون؛ فجعلوا الأناسيَّ
كالكلاب تتسافدُ على قوارعِ الطُّرقِ والناسُ ينظرونَ يتفرجون، تَهيجُ فيهم
غرائزُهم، وتُبعثُ فيهم من مكامنِها شهواتُهم، فأين تُصَرَّفُ؟
في المحارمِ، وفي
غيرِ المحارمِ على حدٍّ سواء؛ بغريزةٍ عمياء، لا تُفَرِّقُ بين حقٍّ وباطل، ولا
حلالٍ ولا حرام، وذلك مِن فِعْلِ المُبْطلين!
التعليقات
مقاطع قد تعجبك