تفريغ مقطع : هـل كان الإمام أحمد عميلًا لأمن دولة الواثق؟!

 الإِمَامُ أَحمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ- لمَّا جَاءَهُ الفُقهَاءُ يُؤامِرُونَهُ وَيُشاوِرُونَهُ فِي الخُروجِ عَلَى الوَاثِق, وَكَانَ -كَمَا كَانَ مَنْ قَبلَهُ المُعتَصِم, وَمَنْ قَبلَهُ المَأمُونُ- يَحمِلُ الأُمَّةَ عَلَى قَوْلٍ كُفْرِيٍّ؛ بَنَفيِ صِفَاتِ رَبِّنَا -جَلَّ وَعَلَا-, وَتَمَثَّلَت القَضِيَّةُ فِي القَولِ بخَلقِ القُرآن, وَكَانَ الوَاثِقُ يُدافِعُ عَن ذَلِكَ دِفَاعَ المُعْتَقِد, وَيَحمِلُ عَلَيهِ حَمْلَ الوَاثِقِ, حَتَّى إِنَّهُ لمَّا سَأَلَ أَحمَدَ بنَ نَصرٍ الخُزاعِيِّ عَن القُرآن؛ فَقَال: هُوَ كَلَامُ الله.
قَالَ: لَيسَ بِمَخلُوق؟
قَالَ: بَلْ هُوَ كَلَامُ الله.
فَلَمَّا سَأَلَهُ عَن رُؤيَةِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِي الآخِرَةِ؛ فَأَثبَتَه بِالكِتَابِ وَالسُّنَّة وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعدَهُم مِنَ الأَئمَّةِ, قَامَ إِلَيهِ الوَاثِق بِنَفسِهِ بِالصَّمْصَامَةِ -وَهِيَ سَيفُ عَمرِو بنِ مَعْدِ كَرِب- وَقَالَ: لَا يَقْرَبَنَّ مِنِّي أَحَد يَعنِي: حَتَّى أَقتُلَهُ- فَإِنَّي أَحْتَسِبُ خُطُوَاتِي إِلَيهِ عِندَ اللهِ!!
يَقُولُ: إِنَّ هَذا الكَافِر يَعبُدُ إِلهًا لَا نَعبُدُهُ, وَيَتَكَلَّم عَن رَبٍّ لَا نَعرِفُهُ!! 
مَعَ أَنَّ الإِلَهَ الذِي يَعبُدُهُ أَحمَدُ بنُ نَصرِ, وَمَعَ أَنَّ الرَبَّ الذِي يَعرِفُهُ أَحمَدُ بنُ نَصر؛ هُوَ الرَبُّ الذِي دَلَّ عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ, وَهُوَ الإِلَهُ الذِي أَرشَدَ إِلَى صِفَاتِهِ رَسُولُ اللهِ.
ثُمَّ قَتَلَهُ وَفَصَلَ رَأسَهُ عَنْ جَسَدِهِ, وَأَمَرَ بِأَنْ يُكْتَبَ عِندَ الرَّأسِ: هَذَا رَأسُ الكَافِرِ أَحمَدَ بنِ نَصْرٍ الخُزاعِي, قَتَلَهُ بِيَدِهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ الوَاثِق... إِلَى آخِرِ مَا كَان!!
لمَّا جَاءَ الفُقَهَاءُ يُشَاوِرُونَ الإِمَامَ أَحمَد فِي الخُرُوجِ عَلَيهِ؛ مَنَعَهُم وَقَالَ: أَلَا تَذكُرُونَ الفِتنَة؟
قَالُوا: أَيُّ فِتنَةٍ هِيَ أَكبَرُ مِمَّا نَحنُ فِيهِ, الرَّجُلُ يَدعُو إِلَى أَمْرٍ كُفْرِيٍّ, وَيَحرِفُ الأُمَّةَ عَن عَقِيدَتهَا المُستَقِيمَة فِي أَشرَفِ الأَبوابِ -فِي بَابِ الأَّسمَاءِ وَالصِّفَاتِ-, وَيَفرِضُ ذَلِكَ بِحَدِّ السَّيفِ وَوَقْعِ السَّوط؟!!
لَا يَصعَدُ المِنبَر, وَلَا يَكُونُ قَاضِيًا, وَلَا يَجلِسُ فِي مَسجِدٍ وَلَا مَدرَسَةٍ مُعَلِّمًا, بِلْ وَلَا فِي مَكتَبٍ مُحَفِّظًا وَمُدَرِّسًا؛ إِلَّا إِذَا قَالَ بِتِلكَ العَقِيدَةِ الجَهمِيَّةِ الكُفرِيَّةِ!!
قَالُوا: وَأَيُّ فِتنَةٍ هِيَ أَكبَرُ مِمَّا نَحنُ فِيهِ؟!
قَالَ: لَا؛ أَلَا تَذكُرُونَ الفِتنَة؟
يَعنِي: الفَوضَى العَامَّة, يَعنِي: الفِتنَةَ الشَّامِلَة؛ تُقْطَعُ الطُّرُق, تُهتَكُ الأَعرَاض, يَقَعُ الفُسَّاقُ وَالفُجَّارُ عَلَى الحَرائرِ مِنَ النِّسَاءِ, تُستَبَاحُ الفُرُوج, تَحمِلُ الحَرائرُ مِنَ السِّفَاحِ اغْتِصَابًا, تُسْلَبُ الأَموالُ, وَتُهْدَمُ الدِّيَار, وَيَضِيعُ عَلَى المُسلِمِينَ إِسلَامُهُم!!

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك