تفريغ مقطع : أمر هام لكل من أراد أن يضحي

فِي هَذهِ العَشر أَمرٌ لمَن أرَادَ أَن يُضحِّي؛ أَمَرَ بهِ الرَّسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَثَبتَ صَحِيحًا صَريحًا عَنهُ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ-.

إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أنْ يُضَحِّيَ وَدَخَلَ شَهْرُ ذي الحِجَّةِ -إمَّا برؤيةِ هِلَالِهِ أوْ كمَالِ ذِي القعْدَةِ ثلاثينَ يومًا-؛ فإنهُ يَحْرُمُ عَليهِ أنْ يأخذَ شيئًا مِن شَعْرِهِ أو أظفارِهِ أو جِلْدِهِ حتى يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ؛ لحديثِ أُمِّ سَلَمَة -رضِيَ اللهُ عنهَا- أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((إِذَا رَأيتُم هِلَالَ ذِي الحِجَّة -وَفِي لَفظٍ: إذَا دَخَلَت العَشْرُ-، وأرادَ أحدُكُم أنْ يُضَحِّىَ فَليُمْسِك عَنْ شَعرِهِ وأظفارِهِ)) رَوَاهُ أَحمَدُ وَمُسلِمٌ.

وَفِي لفظٍ: ((فَلَا يَأْخُذُ مِن شَعرِهِ وأظفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ.((

وَفِي لفظٍ: ((فَلَا يَمَسُّ مِن شَعرِهِ ولَا بَشَرِهِ شيئًا.((

وإذا نَوَى الأُضحِيَّةَ أثناءَ؛ العَشْرِ أَمْسَكَ عَن ذَلِك مِن حين نِيَّتِهِ؛ ولا إِثْمَ عَلَيهِ فيمَا أَخَذَهُ قبلَ النيَّةِ.

لَم يَكُن قَبلَ العَشرِ نَاوِيًا أَنْ يُضَحِّيَ، ثُمَّ طَرأَ عَليهِ ذَلِكَ فِي أَثنَاءِ العَشرِ, وَكَانَ قَد أَخَذَ مِن شَعرِهِ أَوْ أَظفَارِهِ أَوْ بَشَرِهِ شَيئًا وَقَد دَخَلَت العَشرُ, وَلَكِنَّهُ لَم يَكُن قَد نَوَى أَنْ يُضَحِّيَ، ثُمَّ أَنشَأَ النِّيَّة فَلَا بَأسَ عَلَيهِ فِيمَا مَضَى وَلَا شَيءَ عَلَيهِ.

الحِكمَةُ في هَذا النَّهي: أنَّ المُضَحِّي لَمَّا شَارَكَ الحَاجُّ في بعضِ أعمَالِ النُّسُكِ؛ وَهُوَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِذَبْحِ القُربانِ, شَارَكَهُ في بعضِ خصَائصِ الإِحرامِ مِن الإمسَاكِ عَن الشَّعرِ ونحوِهِ.

وَهَذا الحُكمُ خاصٌّ بِمَن يُضَحِّي، وَأَمَّا مَن يُضَحَّى عَنه فَلَا يَتعلقُ بِهِ ذَلِكَ الحُكْمُ بهِ؛ لأنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((وأرادَ أحدُكُم أنْ يُضَحِّيَ))، ولَم يَقُل: أو يُضَحَّى عَنْهُ؛ وَلأنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَان يُضَحِّي عَن أهلِ بيتِهِ، ولَم يُنْقَل عَنهُ أنَّهُ أَمَرَهُم بالإِمسَاكِ عَن ذلِك.

وَعَلَى هَذا فَيجوزُ لِأهلِ المُضَحِّي أَنْ يَأخُذوا فِي أيامِ العَشْرِ مِن الشَّعرِ والظُّفُرِ والبَشَرَةِ، وإذا أَخَذَ مَن يُريدُ الأُضحِيَّةَ شيئًا مِن شَعرِهِ أو ظُفُرِهِ أو بَشْرَتِهِ؛ فعَلَيهِ أنْ يتوبَ إلَى اللهِ تعَالَى وَلَا يَعود، وَلَا كَفَّارَةَ عَليهِ، وَلَا يمنعُهُ ذلِك عَن الأُضحيَّةِ كمَا يَظُنُّ بعضُ العَوام.

وَإِذَا أَخَذَ شيئًا مِن ذلِك نَاسيًا أو جَاهِلًا، أَو سَقَطَ الشَّعرُ بلا قَصْدٍ؛ فَلَا إِثْمَ عَليهِ، وإنْ احتاجَ إلَى أَخْذِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَا شَيءَ عَليهِ؛ كَأَنْ يَنكَسِرَ ظُفُرُهُ فيؤذِيَهِ فَيَقُصَّهُ، أَوْ كَأَنْ يَنزِلَ الشَّعْرُ في عَينِه فيُزيلَهُ، أَوْ أَنْ يَحتاجَ إلى قَصِّهِ لمُدَاوَاةِ جُرْحٍ وَنحوِهِ.

وَلَكِن مَن أَرادَ أَنْ يُضَحِّيَ وَدَخَلَت العَشرُ؛ فَلَيسَ لَهُ أَنْ يَأخُذَ مِن شَعرِهِ وَلَا مِن ظُفُرِهِ وَلَا مِن جِلدِهِ شَيء علَى التَّفصِيلِ الذِي مَرَّ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


حقق عقيدتك أوَّلًا حتى تعرف ربك وتعرف دينك وتعرف عقيدتك
علاج الانشغال بما لا يعني
الحرب على مصر حرب عقائدية فهل تخاض بالطعن في ثوابت الدين
السبب وراء النزاعات القائمة بين أهـل السنة!!
الواحدُ منكم يحمل المكتبة الشاملة في يده، فماذا تعلمتم؟!! ، وبماذا عمِلتُم مما عَلِمتُم؟!!
رسالة الى الذين يفسفسون على الفيس بوك ...
ألا يخاف هؤلاء الظلمة من دعاء المستضعفين عليهم في أجواف الليالي وفي الأسحار وفي السجود؟
إذا دعوت للحاكم كفروك! ـــ إذا دعوت للجيش والشرطة كفروك!
عدة الشهور عند الله وعبث الجاهليين بالتقويم
صفات المرأة الصالحة
عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ
عقيدتُنَا منظومةِ: منهجِ الحقِّ للعلَّامة السعديِّ –رحمهُ اللهُ-
صيغ التكبير الواردة عن السلف
هَذِهِ دَعْوَتُنَا... مَا قَارَبْنَا مُبْتَدِعًا وَإِنَّمَا أَنْقَذَ اللَّهُ بِنَا أُنَاسٌ مِنَ البِدْعَة
((حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)) لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ: عَبْدِ الْعَزِيز بْنِ بَاز -رَحِمَهُ اللهُ-.
  • شارك