((مَظَاهِرُ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْمَوَاثِيقِ فِي الْحَيَاةِ))
((لَقَدْ أَمَرَ اللهُ -تَعَالَى- عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ؛ أَيْ: بِإِكْمَالِهَا، وَإِتْمَامِهَا، وَعَدَمِ نَقْضِهَا وَنَقْصِهَا.
وَهَذَا شَامِلٌ لِلْعُقُودِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ؛ مِنَ الْتِزَامِ عُبُودِيَّتِهِ، وَالْقِيَامِ بِهَا أَتَمَّ قِيَامٍ، وَعَدَمِ الِانْتِقَاصِ مِنْ حُقُوقِهَا شَيْئًا، وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ بِطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقَارِبِ بِبِرِّهِمْ وَصِلَتِهِمْ وَعَدَمِ قَطِيعَتِهِمْ.
وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الصُّحْبَةِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَالَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ مِنْ عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ، كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَعُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، بَلْ وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي عَقَدَهَا اللهُ بَيْنَهُمْ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}؛ بِالتَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَيْهِ وَالتَّآلُفِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَدَمِ التَّقَاطُعِ».
فَهَذَا الْأَمْرُ شَامِلٌ لِأُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ؛ فُكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْعُقُودِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِالْقِيَامِ بِهَا.
المصدر:الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ