الْجَمَاعَاتُ الْخَارِجِيَّةُ الْإِرْهَابِيَّةُ وَإِضْعَافُ الْأُمَّةِ


الْجَمَاعَاتُ الْخَارِجِيَّةُ الْإِرْهَابِيَّةُ وَإِضْعَافُ الْأُمَّةِ

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْخَوَارِجَ يَعُودُونَ فِي الْمُنْتَهَى إِلَى الْقِتَالِ مِنْ أَجْلِ الدُّنْيَا، إِنَّمَا يَنْفِسُونَ عَلَى حُكَّامِهِمْ اسْتِئْثَارَهُمْ عَلَيْهِمْ بِالدُّنْيَا كَمَا فَعَلَ أَبُوهُمُ الَّذِي تَنَاسَلُوا مِنْهُ، كَمَا فَعَلَ الْخَارِجِيُّ الْأَوَّلُ الَّذِي نَقَمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قِسْمَةَ الذُّهَيْبَةِ، فَقَالَ: اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ قِسْمَةٌ لَمْ يُرَدْ بِهَا وَجْهُ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

فَقَالَ: ((وَيْحَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِل)).

فَكَانَ هَذَا إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى الدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ الْخَوَارِجُ فِي كُلِّ حِينٍ وَحَالٍ.

*هَلْ الْحَاكِمُ يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالطَّاعَاتِ؟!!   

لَقَدْ جَاءَ خَارِجِيٌّ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ يُرِيدُ أَنْ يَحْرِفَهُ عَنِ الْحَقِّ وَعَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: ((أَخْبِرْنِي هَلْ يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَمِنْ شُهُودِهَا جَمَاعَةً؟ هَلْ يَمْنَعُكَ مِنَ الصِّيَامِ؟ هَلْ يَمْنَعُكَ مِنَ الصِّيَامِ؟))

هَلْ الْحَاكِمُ يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَمِنْ شُهُودِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَمِنَ التَّعْيِيدِ فِي الْمُصَلَّيَاتِ؟!!

هَلْ الْحَاكِمُ يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّوْمِ؟!!

هَلْ يَمْنَعُكَ مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟!!

هَلْ يَمْنَعُكَ مِنَ الْحَجِّ؟!!

قَالَ: لَا.

قَالَ: إِنَّمَا خَرَجْتَ تُرِيدُ الدُّنْيَا.

وَكَذَلِكَ هُمْ فِي هَذَا الْعَصْرِ إِنَّمَا يُرِيدُونَ الدُّنْيَا وَيَعِيثُونَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا.

*أُمَّتُكُمْ فِي خَطَرٍ! وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اسْتَبَدَلَكُمُ اللهُ!!  

أُمَّةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ تَنُوشُهَا الرِّيَاحُ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ، وَتَتَجَمَّعُ عَلَيْهَا الْأَكَلَةُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ كَمَا أَخْبَرَ رَسُولِ اللهِ ﷺ: ((يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا)).

قَالُوا: أَوْمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: ((لَا، أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعِنَّ اللهُ الْهَيْبَةَ مِنْكُمْ مِنْ صُدُورِ أَعْدَائِكُمْ وَلَيَقْذِفِنَّ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ)) الضَّعْفُ وَالْعَجْزُ، وِالِالْتِصَاقُ بِالْأَرْضِ، وَضَعْفُ الْهِمَمِ بَلْ مَوْتُهَا، وَالْحِرْصُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الشَّخْصِيَّةِ دُونَ مَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ الْعُلْيَا كَمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَحْرِصُونُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ، وَلَكِنْ {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد: 38].

إِنَّمَا هُوَ التَّمْحِيصُ وَمَنْ لَمْ يُثَبِّتْهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هَلَكَ وَضَاعَ وَسَيْأَتِي اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ، سَيَسْتَبْدِلُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَقْوَامًا حَادُوا عَنْ دِينِهِ، وَغَيَّرُوا مَنْهَجَهُ، وَتَلَاعَبُوا بِشَرِيعَتِهِ، سَيَسْتَبْدِلُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ خَيْرًا مِنْهُمْ مِمَّنْ يَأْخُذُ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ، وَيَدْعُو إِلَى دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ.

إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَنَقُولُ فِي مَهَابِّ الرِّيَاحِ الْأَرْبَع، وَلَكِنَّهَا تُنَادِي أَبْنَاءَهَا أَنْ يَفِيئُوا إِلَى ظِلِّهَا، وَأَنْ يَعُودُوا إِلَيْهَا لِيَحْمُوهَا مِنْ أَعْدَائِهَا.

إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ إِلَّا تَكُنْ بِكُمْ تَكُنْ بِغَيْرِكُمْ، ثُمَّ لَا تُحَصِّلُونَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا.

دِينُ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِنَا كَانَ بِغَيْرِنَا وَيَخْسَرُ مَنْ يَخْسَرُ فِي ذَلِكَ، فَسَارِعُوا إِلَى نُصْرَةِ دِينِ رَبِّكُمْ بِالتَّمَسُّكِ بِدِينِهِ، وَمِنْهَاجِ نُبُوَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ.

*التَّحْذِيرُ مِنْ مَنَاهِجِ الْجَمَاعَاتِ الْمُبْتَدِعَةِ الْخَارِجِيَّةِ:    

عِبَادَ اللهِ! إِيَّاكُمْ وَمَنَاهِجَ الْخَوَارِجِ الضَّالِّينَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، وَأَنَّهُمْ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَهُوَ شَرُّ قَتِيلٍ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، وَمَنْ قَتَلُوهُ فَهُوَ خَيْرُ قَتِيلٍ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، إِيَّاكُمْ وَمَنَاهِجَ الْخَوَارِجِ الْمُنْحِرِفِينَ مِنَ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنَ الْقُطْبِيِّينَ، وَمِنَ السُّرُورِيِّينَ، وَمِنَ الْمُتَسَلِّفِينَ الَّذِينَ يَتَمَسَّكُونَ بِالسِّيَاسَةِ يَجْعَلُونَهَا أَمْرًا يَدْعُو إِلَى اللهِ بِزَعْمِهِمْ وَحِفَاظًا عَلَى الشَّرِيعَةِ كَمَا يُكَذِّبُونَ ذَلِكَ بِمُخَرَّصَاتِ مِنْ ظُنُونِهِمْ.

إِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ فَإِنَّهُمْ كَالْجَرَبِ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَقْتَرِبُوا مِنْهُمْ.

 

 

المصدر :قِصَّةُ الذَّبِيحِ وَمَظَاهِرُ الِاسْتِسْلَامِ للهِ فِي الْحَجِّ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  «بِدْعَةُ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ» الشيخُ العلَّامة: زيد بن محمد بن هادي المدخلي -رحمهُ اللهُ-.
  مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ وَتَغْيِيرُهَا بِدَايَةُ طَرِيقِ إِصْلَاحِ الْأُمَّةِ
  التَّحْذِيرُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي كَوْنِ الرَّحْمَنِ
  ثَمَرَاتُ رِعَايَةِ كِبَارِ السِّنِّ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ
  نَبْذُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْعُنْصُرِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ
  الْعَدْلُ وَالْفَضْلُ مُجَسَّدَانِ فِي النَّبِيِّ ﷺ
  الْفُرُوقُ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالضَّرِيبَةِ
  الْوَطَنِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ
  وُجُوبُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمِيَاهِ وَعَدَمِ الْإِسْرَافِ فِي اسْتِخْدَامِهَا
  الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْعَشْرِ
  بَيَانُ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ
  كِبَارُ السِّنِّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  مَقَامُ الْمُرَاقَبَةِ وَالْإِحْسَانِ
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حُبِّ تَعَلُّمِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّة
  • شارك