انْتِصَارَاتُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَاضِ


((انْتِصَارَاتُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ))

فَقَدْ فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ عَلَى سَائِرِ الْبُلْدَانِ؛ كَمَا فَضَّلَ بَعْضَ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ، وَبَعْضَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي عَلَى بَعْضٍ.

وَالْفَضْلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا، أَوْ فِيهِمَا جَمِيعًا.

وَقَدْ فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وَشَهِدَ لَهَا فِي كِتَابِهِ بِالْكَرَمِ، وعِظَمِ الْمَنْزِلَةِ، وَذَكَرَهَا بِاسْمِهَا، وَخَصَّهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وَأَبَانَ فَضْلَهَا بِآيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ تُنْبِئُ عَنْ مِصْرَ وَأَحْوَالِهَا، وَأَحْوَالِ الْأَنْبِيَاءِ بِهَا، وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، وَالْمُلُوكِ الْمَاضِيَةِ، وَالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ.

يَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ الْقُرْآنُ -وَكَفَى بِهِ شَهِيدًا-، وَمَعَ ذَلِكَ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي مِصْرَ، وَفِي عَجَمِهَا خَاصَّةً، وَذِكْرِهِ لِقَرَابَتِهِمْ وَرَحِمِهِمْ، وَمُبَارَكَتِهِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى بَلَدِهِمْ، وَحَثِّهِ عَلَى بِرِّهِمْ.

هَذِهِ مِصْرُ.. وَهِيَ أَرْضٌ إِسْلَامِيَّةٌ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَلَنْ يُدَافَعَ عَنْهَا عَصَبِيَّةً، وَإِنَّمَا يُدَافَعُ عَنْهَا بِالْحَمِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَلِأَجْلِ دِينِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، ولِيَظَلَّ الْأَذَانُ فِيهَا مَرْفُوعًا، وَلِتَظَلَّ الْجُمَعُ وَالْجَمَاعَاتُ وَالْأَعْيَادُ، وَلِتَظَلَّ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ فِيهَا قَائِمَةً رَغْمَ أَنْفِ الْخَوَارِجِ وَالتَّكْفِيرِيِّينَ -عَلَيْهِمْ مِنَ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- مَا يَسْتَحِقُّونَهُ-.

هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَّةٌ عَنِ الْإِسْلَامِ مُدَافِعَةٌ، وَعَنِ الْإِيمَانِ مُنَافِحَةٌ.

وَهِيَ لِلْقُرْآنِ حَامِلَةٌ، وَلِلْعِلْمِ نَاشِرَةٌ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ بِاللهِ عَالِمَةٌ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مِنَ الْأَتْقِيَاءِ الْأَنْقِيَاءِ الْأَخْفِيَاءِ مَنْ يَضْرَعُونَ إِلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ أَنْ يُنَجِّيَهَا، وَيُنَجِّيَ الْأُمَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ وَسُوءٍ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ هِيَ الصَّخْرَةُ الشَّمَّاءُ الَّتِي لَمَّا اتَّحَدَ أَبْنَاؤُهَا مَعَ أَهْلِ الشَّامِ تَحْتَ قِيَادَةِ الْمُظَفَّرِ (قُطُزَ)، تَمَّ انْحِسَارُ مَوْجَاتِ التَّتَارِ الْهَمَجِ عَلَى صَخْرَتِهِمُ الْقَائِمَةِ الْعَاتِيَةِ، وَنَجَّى اللهُ -تَعَالَى- الْحَضَارَةَ الْإِنْسَانِيَّةَ كُلَّهَا بِهَذَا الرَّدِّ وَبِذَلِكَ الصَّدِّ، وَبِهَذَا الْكِفَاحِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

خَرَجَتْ جُيُوشُ الْمِصْرِيِّينَ مُوَحِّدَةً مُؤْمِنَةً بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مُنَافِحَةً عَنْ دِينِهِ الْعَظِيمِ، صَرْخَتُهَا: «وَا إِسْلَامَاهُ!»، تُنَافِحُ عَنْهُ، وَتَمُوتُ دُونَهُ، وتُقَاتِلُ لِأَجْلِ رَفْعِ رَايتِهِ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَّةٌ مُجَاهِدَةٌ؛ تُجَاهِدُ عَنْ دِينِ اللهِ -تَعَالَى- جَمِيعَ الْمُعْتَدِينَ.

وَفِي عَهْدِ (الدَّوْلَةِ الْأَيُّوبِيَّةِ) لَمَّا خَرَجَ (صَلَاحُ الدِّينِ) وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ؛ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ الْمَيَامِينِ، مَعَ جُمْلَةِ مَنْ خَرَجَ مِنْ جُنْدِ الْمِصْرِيِّينَ.. كَانَ تَطْهِيرُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ إِجْلَاءِ الصَّلِيبِيِّينَ الَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَنْسِفُوا الْإِسْلَامَ نَسْفًا، وَأَنْ يَقْضُوا عَلَى أَهْلِهِ قَضَاءً مُبْرَمًا، وَلَمْ يَبْلُغُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.

المصدر:دَرَجَاتُ الْعَطَاءِ وَمَنَازِلُ الشُّهَدَاءِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  دُرُوسٌ مِنْ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-
  التَّرْبِيَةُ الرُّوحِيَّةُ الْقَلْبِيَّةُ لِلْأَطْفَالِ
  اتِّبَاعُ النَّبِيِّ ﷺ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي دِينِهِ وَخُلُقِهِ
  نِعْمَةُ الزَّوَاجِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  سُبُلُ تَحْقِيقِ خَيْرِيَةِ الْأُمَّةِ وَاسْتِعَادَةِ رِيَادَتِهَا الْآنَ
  تَمْكِينُ اللهِ لِلْأَنْبِيَاءِ بِتَحْقِيقِهِمُ التَّوْحِيدَ
  جُمْلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ الصَّوْمِ
  أَهْدَافُ الْجِهَادِ السَّامِيَةِ
  فَضَائِلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ
  النَّبِيُّ ﷺ الْمِثَالُ الْكَامِلُ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ
  تَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ وَافْرَحُوا فِي عِيدِكُمْ
  مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ وَتَغْيِيرُهَا بِدَايَةُ طَرِيقِ إِصْلَاحِ الْأُمَّةِ
  حُسْـــنُ خُلُــقِ النَّــبِيِّ ﷺ وَطِيبُ عِشْرَتِهِ مَعَ أَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-
  الْأَوْلَادُ زِينَةٌ وَابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ!!
  مِنْ أَعْظَمِ النَّفْعِ لِلْمُسْلِمِينَ: تَعْلِيمُهُمُ الْعِلْمَ النَّافِعَ
  • شارك