((حَثُّ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الزَّوَاجِ فِي سُنَّتِهِ الْمُطَهَّرَةِ))
لَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى النِّكَاحِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْجَلِيلَةِ، وَمَا يُدْفَعُ بِهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْجَسِيمَةِ.
فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قال لنا رسول الله ﷺ: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)) .
فَمَوْضُوعُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْحَثِّ عَلَى النِّكَاحِ، أَوْ فِي وُجُوبِ النِّكَاحِ لِمَنْ وَجَدَ مَؤُونَتَهُ.
الْمَعْشَرُ: هُمُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ يَشْمَلُهُمْ وَصْفٌ؛ كَالشَّبَابِ وَالشُّيُوخِ وَالنِّسَاءِ، يَجْمَعُهُمْ وَصْفٌ وَاحِدٌ.
وَالنِّكَاحُ: هُوَ الْعَقْدُ، وَسُمِيَّ بِهِ الْوَطْءُ.
((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ)): الْمُرَادُ بِهَا النِّكَاحُ، أَوْ تَكَالِيفُ النِّكَاحِ، أَوِ اسْتِطَاعَتُهُ اسْتِطَاعَةً ذَاتِيَّةً، وَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّارِعَ ﷺ أَمَرَ الشَّبَابَ بِالتَّزَوُّجِ إِذَا كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى مَؤُونَةِ الزَّوَاجِ قُدْرَةً ذَاتِيَّةً وَقُدْرَةً مَالِيَّةً.
وَالشَّبَابُ: جَمْعُ شَابٍّ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالنَّشَاطِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي أَوَّلِ عُمُرِهِ يَكُونُ أَكْثَرَ حَرَكَةً وَنَشَاطًا مِنْهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَالشَّبَابُ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْأَرْبَعِينَ، وَلَيْسَ بَعْدَ مَرِّ الْأَرْبَعِينَ شَبَابٌ.
قَوْلُهُ ﷺ ((فَلْيَتَزَوَّجْ)): هَذَا أَمْرٌ، وَالْأَمْرُ يُقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ هُنَا أَمْرُ إِرْشَادٍ لَا أَمْرُ إِيجَابٍ، وَجَعَلُوا النِّكَاحَ سُنَّةً فِي حَقِّ الرَّجُلِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَشِيَ بِتَرْكِ الزَّوَاجِ الزِّنَى؛ فَحِينَئِذٍ يَأْتِي بِالزَّوَاجِ وُجُوبًا، فَيَصِيرُ وَاجِبًا عَلَيْهِ إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ.
((وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ)): يَعُمُّ النَّفْيُ هُنَا الِاسْتِطَاعَةَ الْمَالِيَّةَ وَالِاسْتِطَاعَةَ الْبَدَنِيَّةَ.
((وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ)): أَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ تَبَعًا لِهَذَا الْأَمْرِ -أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الصَّوْمِ-، ((فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)): الْفَاءُ تَعْلِيلِيَّةٌ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ يُخَفِّفُ مِنْ وَطْأَةِ الرَّغْبَةِ الْجَامِحَةِ فِيهِ الَّتِي رُبَّمَا أَدَّتْ بِالْعَبْدِ إِلَى الْوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ.
فَالصِّيَامُ وِجَاءٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَالْوِجَاءُ: كَمَا هُوَ فِي الْأَصْلِ هُوَ رَضُّ عُرُوقِ الْخُصْيَتَيْنِ كَمَا يُصْنَعُ بِالْفَحْلِ، فَيُجْعَلُ ذَلِكَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، ثُمَّ يَقَعُ الرَّضُّ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَخِفَّ الشَّهْوَةُ أَوْ تَنْقَطِعَ.
فَحَثَّ النَّبِيُّ ﷺ الَّذِينَ عِنْدَهُمُ الْقُدْرَةُ الذَّاتِيَّةُ وَالْقُدْرَةُ الْمَالِيَّةُ عَلَى فِعْلِ الزَّوَاجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ فَلْيُكْثِرْ مِنَ الصَّوْمِ، وَلْيَلْزَمْ الِاسْتِعْفَافَ، وَلْيَسْأَلْ رَبَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَعْصِمَهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي طَائِلَةِ الزِّنَى؛ لِأَنَّ التَّحَصُّنَ وَالتَّعَفُّفَ وَاجِبٌ، وَضِدُّهُمَا حَرَامٌ، وَهُوَ آتٍ مِنْ قِبَلِ شِدَّةِ الشَّهْوَةِ مَعَ ضَعْفِ الْإِيمَانِ.
وَالشَّبَابُ أَشَدُّ شَهْوَةً، فَخَاطَبَهُمُ النَّبِىُّ ﷺ مُرْشِدًا لَهُمْ إِلَى طَرِيقِ الْعَفَافِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ مَؤُونَةَ النِّكَاحِ مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسَّكَنِ، فَلْيَتْزَوَّجْ؛ لِأَنَّ الزَّوَاجَ يَغُضُّ الْبَصَرَ عَنِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ، وَيُحَصِّنُ الْفَرْجَ عَنِ الْفَوَاحِشِ.
وَأَغْرَى النَّبِىُّ ﷺ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْهُمْ مَؤُونَةَ النِّكَاحِ وَهُوَ تَائِقٌ إِلَيْهِ؛ أَغْرَاهُ بِالصَّوْمِ، فَفِيهِ الْأَجْرُ، وَفِيهِ قَمْعُ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ وَإِضْعَافُهَا بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَتَضْعُفُ النَّفْسُ، وَتَنْسَدُّ مَجَارِي الدَّمِ الَّتِي يَنْفُذُ مَعَهَا الشَّيْطَانُ، فَالصَّوْمُ يَكْسِرُ الشَّهْوَةَ كَالْوِجَاءِ لِلْخُصْيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُصْلِحَانِ الْمَنِيَّ فَتَهِيجُ الشَّهْوَةُ.
فَأَرْشَدَ النَّبِيُّ ﷺ مَنِ اسْتَطَاعَ الزَّوَاجَ إِلَى الزَّوَاجِ، لِكَيْ يُحَصِّلَ أَسْبَابَ الْخَيْرِ؛ مِنَ اسْتِقْرَارِ النَّفْسِ، وَهَنَاءَةِ الْخَاطِرِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَزَوَّجَ حَصَلَ عِنْدَهُ الِاسْتِقْرَارُ النَّفْسِيُّ، وَيَتِمُّ التَّعَاوُنُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْمَصَالِحِ الَّتِي يَسْتَعِينُونَ بِهَا عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ.
الرَّجُلُ يَكُونُ مَكْفِيًّا فِي بَيْتِهِ بِالزَّوْجَةِ الَّتِي تَعْمَلُ لَهُ مَا يُصْلِحُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَتَهْيِئَةِ الْمَنَافِعِ فِي الْبَيْتِ.
وَالْمَرْأَةُ تَكُونُ مَكْفِيَّةً بِزَوْجِهَا عَنْ تَحْصِيلِ الرِّزْقِ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ.
وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُشَجِّعُوا عَلَى الزَّوَاجِ بِتَخْفِيفِ الْمَؤُونَةِ، وَتَيْسِيرِ الْأَسْبَابِ؛ امْتِثَالًا لِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا فِي حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ: ((تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ)) .
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ.
فَقالَ بَعضُهُم: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: ((مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا: كَذَا وَكَذَا؟ وَلَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)) .
مَوْضُوعُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ، وَالرَّدَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَفِيهِ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ دَعَوْا إِلَى الرَّهْبَنَةِ بِنَوْعٍ مِنَ التَّأْوِيلِ.
وَفِيهِ إِخْبَارُ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ -الَّتِي هِيَ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الرَّهْبَانِيَّةِ وَالْجَفَاءِ- مَنْ رَغِبَ عَنْهَا فَإِنَّهُ قَدْ سَلَكَ طَرِيقًا سِوَى طَرِيقِ النَّبِيِّ ﷺ، وَاتَّبَعَ سُنَّةً غَيْرَ سُنَّتِهِ ﷺ.
بُنِيَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ السَّامِيَةُ السَّمْحَاءُ عَلَى السَّمَاحَةِ وَالْيُسْرِ، وَإِرْضَاءِ النُّفُوسِ بِطَيِّبَاتِ الْحَيَاةِ وَمَلَاذِّهَا الْمُبَاحَةِ لَهَا، وَتَكْرَهُ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ التَّعَنُّتَ وَالشِّدَّةَ وَالْمَشَقَّةَ عَلَى الْنَّفْسِ، وَتَكْرَهُ حِرْمَانَ النَّفْسِ مِنْ خَيْرَاتِ هَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَبَاحَهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
فَشَرِيعَةُ اللهِ وَسَطٌ بَيْنَ الْغُلُوِّ وَالْجَفَاءِ، وَالِانْهِمَاكِ فِي الْعِبَادَةِ انْقِطَاعًا وَالْغَفْلَةِ وَاللَّهْوِ.
فَهِيَ تَضَعُ الْأُمُورَ فِي مَوَاضِعِهَا، عِبَادَةٌ للهِ وَطَاعَةٌ للهِ، مَعَ إِعْطَاءِ النَّفْسِ حُظُوظَهَا مِنَ الْمُبَاحَاتِ الْمُعِينَةِ عَلَى اسْتِمْرَارِ الْعِبَادَةِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا)) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا جَاءَ النَّفَرُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يَحْمِلُهُمْ حُبُّ الْخَيْرِ وَالرَّغْبَةُ فِيهِ إِلَى أَبْيَاتِ النَّبِيِّ ﷺ؛ لِكَيْ يَسْأَلُوا عَنْ عَمَلِ النَّبِيِّ ﷺ فِي السِّرِّ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَى أَزْوَاجِهِ، فَلَمَّا أَعْلَمْنَهُمْ بِذَلِكَ الْعَمَلِ -الَّذِي يَكُونُ فِي بُيُوتِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ- لَمَّا أَعْلَمْنَهُمْ بِهِ اسْتَقَلُّوهُ، وَذَلِكَ مِنْ نَشَاطِهِمْ عَلَى الْخَيْرِ وَمِنْ جَدِّهِمْ فِيهِ.
فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمُ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأْخَّرَ؟! فَهُوَ ﷺ -فِي ظَنِّهِمْ- غُيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ، فَعَوَّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى تَرْكِ النِّسَاءِ، لِيَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ، وَعَوَّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ اللَّحْمِ؛ زَهَادَةً فِي مَلَاذِّ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَصَمَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ سَيَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ، تَهَجُّدًا أَوْ عِبَادَةً.
فَبَلَغَتْ مَقَالَتُهُمْ مَنْ هُوَ أَعْظَمُهُمْ تَقْوَى، وَأَشَدُّهُمْ خَشْيَةً، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا، وَأَعْرَفُ مِنْهُمْ بِالْأَحْوَالِ وَالشَّرَائِعِ ﷺ.
فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَجَعَلَ الْوَعْظَ وَالْإِرْشَادَ عَامًّا، جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ الْكَرِيمَةِ فِي مُعَالَجَةِ مَا يَسْتَجِدُّ مِنَ الْأَحْوَالِ.
فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَيَعْبُدُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَيَتَنَاوَلُ مَلَاذَّ الْحَيَاةِ الْمُبَاحَةِ، فَهُوَ يَنَامُ وَيُصَلِّي، وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ، وَيَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ السَّامِيَةِ، فَلَيْسَ مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَإِنَّمَا سَلَكَ سَبِيلَ الْمُبْتَدِعِينَ.
*نَصِيحَةٌ قُرْآنِيَّةٌ وَوَصْفَةٌ نَبَوِيَّةٌ لِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الزَّوَاجَ لِفَقْرِهِ:
إِنَّ الْأُمَّةَ الْيَوْمَ تَعْقِدُ رَجَاءَهَا بِأَمْرِ رَبِّهَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- عَلَى شَبَابِهَا الَّذِي يُؤْمِنُ بِرَبِّهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَعُودَ الْأَمْرُ مُصَحَّحًا إِلَى سَبِيلِهِ السَّوِيِّ, وَطَرِيقِهِ الْمَرْضِيِّ بَعِيدًا عَنْ عَسْفِ الشَّهَوَاتِ, وَتَخَبُّطِ اللَّذَّاتِ, وَبَعِيدًا عَنِ الْخَبْطِ فِي أَوْدِيَةِ الضَّلَالَاتِ, وَرُجُوعًا إِلَى النَّهْجِ الْأَحْمَدِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
لَا يَجِدُ الْمَرْءُ فِي النَّصِيحَةِ خَيْرًا مِنْ كَلَامِ رَبِّهِ, وَمِنْ وَحْيِهِ إِلَى نَبِيِّهِ ﷺ: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [النور : 33].
يَعْنِي: وَلْيَلْزَمْ جَانِبَ الْعِفَّةِ بِضَبْطِ النَّفْسِ وَحِفْظِ الْجَوَارِحِ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ فِي طَرِيقِ الشَّهَوَاتِ، وَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ وَسَائِلَ النِّكَاحِ الْمُوصِلَةَ إِلَيْهِ مِنَ الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ إِلَى أَنْ يُوَسِّعَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ رِزْقِهِ.
فَإِذَا الْتَزَمُوا جَانِبَ الْعِفَّةِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا مَا لَمْ يَأْذَنِ اللهُ بِهِ؛ أَغْنَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَهَيَّأَ لَهُمُ الْقُدْرَةَ الْمَالِيَّةَ عَلَى الزَّوَاجِ.
النَّبِيُّ ﷺ حَضَّ الشَّبَابَ عَلَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِرَحْمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَاصِمًا لِلشَّابِّ مِنْ أَنْ يَتَلَوَّثَ شَبَابُهُ بِمَا يُشِيِنُهُ, وَأَنْ يَتَوَرَّطَ فِي مَعْصِيَةٍ مِنْ مَعَاصِي اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.
المصدر:الْمِيثَاقُ الْغَلِيظُ وَضَرُورَةُ الْحِفَاظِ عَلَيْهِ