الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ


 ((الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ))

عِيدُ الْأَضْحَى يَوْمُ الْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ؛ فَإِنَّ نَبِيَّكُمْ ﷺ أَخْبَرَكُمْ -مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ- أَنَّنَا يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَضَعَ فِي يَدِ رَبِّنَا مِنْ صَدَقَاتِنَا وَزَكَوَاتِنَا مَا هُوَ حَبِيبٌ إِلَى قُلُوبِنَا؛ لِنَنَالَ الْبِرَّ عِنْدَهُ: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92].

نَبِيُّكُمْ ﷺ أَمَرَكُمْ -كَمَا وَرَدَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَتَقْرِيرِهِ بِجَمِيعِ أَلْوَانِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ- بِالتَّضْحِيَةِ, حَتَّى قَالَ الْعُلَمَاءُ: ((إِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهَا, فَإِذَا تَرَكَهَا فَلَا يَقَرَبَنَّ مُصَلَّانَا, وَلَا يَشْهَدَنَّ جَمْعَنَا)).

فَلْيَكُنْ ذَبْحُكُمْ لِلَّهِ، مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ؛ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ -لِوَلِيٍّ، أَوْ لِقَبْرٍ، أَوْ لِشَمْسٍ، أَوْ لِقَمَرٍ، أَوْ لِكَنِيسَةٍ، أَوْ لِعَذْرَاءَ، أَوْ لِنَبِيٍّ- فَهُوَ مُشْرِكٌ شِرْكًا أَكْبَرَ.

((مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ؛ فَهُوَ مَلْعُونٌ))؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ .

لَا تَذْبَحُوا إِلَّا لِلَّهِ؛ ((بِاسْمِ اللهِ, وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ؛ عَنْ فُلَانٍ وَآلِ بَيْتِهِ))؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ .

قَالَ تَعَالَى: {لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ} [الحَجّ: 37].

لَنْ تُرْفَعَ إِلَى اللهِ لُحُومُ هَذِهِ الذَّبَائِحِ وَلَا دِمَاؤُهَا، فَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَعَنْ عِبَادَتِكُمْ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ أَنْ تَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِذَبْحِهَا لِحَاجَتِهِ إِلَى لُحُومِهَا وَدِمَائِهَا، وَلَكِنْ تُرْفَعُ إِلَيْهِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، وَمَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِأَنْ نَسْتَحْسِنَ وَأَنْ نَسْتَسْمِنَ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَانٌ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, فَذَكَرَ لَنَا الشُّرُوطَ الَّتِي تَمْنَعُ, وَهِيَ عُيُوبٌ تَمْنَعُ مِنَ الْإِجْزَاءِ:

- الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا.

- وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا.

- وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا.

- وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي؛ أَيْ: لَا نَقيَّ -وَهُوَ مُخُّ الْعِظَامِ- فِي عِظَامِهَا؛ دَلَالَةً عَلَى شِدَّةِ هُزَالِهَا.

إِذَا ضَحَّى بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ وَهِيَ بِهَذَا الْعَيْبِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ أُضْحِيَّةً.

- بَدَاهَةً: مَا فَوْقَ هَذِهِ مِنَ الْعُيُوبِ؛ كَالْكُسَاحِ, وَالْعَمَى, وَمَا أَشْبَهَ تَكُونُ مَانِعَةً مِنَ الْإِجْزَاءِ.

وَمَا دُونَهَا مِمَّا لَيْسَ بِمِثْلِهَا؛ فَالتَّضْحِيَةُ بِهِ مَكْرُوهَةٌ وَإِنْ كَانَ مُجْزِئًا.

بَيَّنَ لَنَا نَبِيُّنَا ﷺ وَقْتَ التَّضْحِيَةِ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ»؛ أَصَابَ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

فَبَيَّنَ لَنَا وَقْتَ الذَّبْحِ؛ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِيدِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ رَابِعِ أَيَّامِ الْعِيدِ, وَهُوَ ثَالِثُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ, فَكُلُّهَا ذَبْحٌ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.

وَبَيَّنَ لَنَا رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ؛ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ.

وَبَيَّنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ سِنَّهَا الْمُجْزِئَةَ, بِحَيْثُ إِذَا نَقَصَتْ لَا تَكُونُ مُجْزِئَةً:

- فَأَمَّا الْإِبِلُ، فَالثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ: وَهُوَ مَا جَاوَزَ الْخَمْسَ سِنِينَ.

- وَأَمَّا مِنَ الْبَقَرِ، فَالثَّنِيُّ مِنَ الْبَقَرِ: وَهُوَ مَا جَاوَزَ سَنَتَيْنِ.

- وَأَمَّا مِنَ الْمَعْزِ، فَمَا جَاوَزَ سَنَةً.

- وَأَمَّا مِنَ الضَّأْنِ، فَالْجَذَعَةُ, وَمَا لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ.

فَإِذَا قَلَّ الْعُمُرُ عَنْ هَذَا لَا تَكُونُ أُضْحِيَّةً, وَلَا تُجْزِئُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا.

رَسُولُكُمْ ﷺ كَانَ يَعلم وَيُعَلِّمُ, يُعَلِّمُهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَيُعَلِّمُنَا أَنَّ مَا ذَهَبَ هُوَ الَّذِي يَبْقَى, وَأَنَّ مَا يَبْقَى هُوَ الَّذِي يَذْهَبُ, وَقَدْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ وَخَرَجَ، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: ((مَا فَعَلَتِ الشَّاةُ يَا عَائِشَةُ؟)).

قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ذَهَبَتْ كُلُّهَا إِلَّا الذِّرَاعَ.

وَكَانَ يُحِبُّ الذِّرَاعَ الْيُمْنَى الْأَمَامِيَّةَ فَاسْتَبْقَتْهَا لَهُ ﷺ, وَتَصَدَّقَتْ بِسَائِرِهَا.

قَالَتْ: ذَهَبَتْ كُلُّهَا إِلَّا الذِّرَاعَ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: ((بَلْ بَقِيَتْ كُلُّهَا إِلَّا الذِّرَاعَ يَا عَائِشَةُ)) .

مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ, عَامَلُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ بِمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلَ بِهِ, إِنَّهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ, وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ, وَهُوَ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينِ, إِذَا أَرَادَ شَيْئًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ, عَطَاؤُهُ كَلَامٌ, وَنَعِيمُهُ كَلَامٌ, وَعَذَابُهُ وَعِقَابُهُ كَلَامٌ؛ يَعْنِي يَقُولُ لِلشَّيْءِ: كُنْ فَيَكُونُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَأْمُرُ الْحَجِيجَ إِذَا ذَبَحُوا الْهَدْيَ أَنْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عِنْدَ ذَبْحِهَا، وَأَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا، وَأَنْ يُطْعِمُوا مِنْهَا شَدِيدَ الْفَقْرِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحَجّ: 27-28].

يَأْتِي الْحَجِيجُ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ بَعِيدٍ إِلَى الْبَلَدِ الْحَرَامِ؛ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحَجّ: 28]: لِيَشْهَدَ الْحُجَّاجُ مَنَافِعَ لَهُمْ كَثِيرَةً دِينِيَّةً وَدُنْيَوِيَّةً؛ مِنْ ثَوَابِ أَدَاءِ نُسُكِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِمْ، وَوَحْدَةِ كَلِمَتِهِمْ، وَالتَّشَاوُرِ فِي أُمُورِهِمْ، وَتَكَسُّبِهِمْ فِي تِجَارَاتِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَنَافِعِ.

وَلِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى مَا ذَبَحُوا مِمَّا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ؛ وَهِيَ: ((يَوْمُ النَّحْرِ عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ))؛ شُكْرًا للهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ.

فَكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا، وَأَطْعِمُوا الْبَائِسِينَ الَّذِينَ أَصَابَهُمْ بُؤْسٌ وَشِدَّةٌ، الْمَسْتُورِينَ الَّذِينَ لَا شَيْءَ لَهُمْ، وَلَا يَتَعَرَّضُونَ لِلصَّدَقَاتِ.

عِبَادَ اللهِ! مِمَّا عَلَّمَنَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِيَّاهُ مِنَ الْحَجِّ؛ مِنْ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ الْعَظِيمَةِ: أَنْ نَتَذَكَّرَ سُنَّةَ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ, فَإِنَّ سُنَّةَ إِبْرَاهِيمَ كَانَتْ بِالذَّبْحِ, بِالْقُرْبَانِ تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

وَهِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ, فَهِيَ سُنَّةُ خَلِيلَيِ الرَّحْمَنِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ -عَلَيْهِمَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ-.

وَالذَّبْحُ مِنْ أَكْبَرِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-, وَلَا يَكُونُ إِلَّا للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ عِبَادَةً وَتَقَرُّبًا, وَمَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ خَرَجَ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ سَلَفًا وَخَلَفًا، {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 161-162].

قَالَ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].

فَأَمَّا إِخْوَانُكُمْ مِمَّنْ أَذِنَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِأَنْ يَشْهَدُوا الْمَوْسِمَ, فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- بِذَبْحِ الْهَدَايَا؛ قُرْبَانًا إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

وَأَمَّا النَّاسُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّهُمْ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- بِذَبْحِ الْأَضَاحِيِّ, فَبَيْنَ نَحْرٍ وَذَبْحٍ.

فَأَمَّا النَّحْرُ فَلِلْإِبِلِ, وَأَمَّا الذَّبْحُ.. فَمَا سِوَاهَا يُذْبَحُ لَا يُنْحَرُ.

فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَلِّمُ الْأُمَّةَ ذَلِكَ, وَقَدْ سَاقَ الْهَدْيَ فِي حَجَّتِهِ -وَلَمْ يَحُجَّ سِوَاهَا- مِائَةَ بَدَنَةً, وَنَحَرَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ ﷺ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ مِنَ الْبُدْنِ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: ((كَأَنَّمَا دَلَّ بِذَلِكَ ﷺ عَلَى مَجْمُوعِ عُمُرِهِ)).

فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَنْزَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ بِعَرَفَةَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

فَأَكْمَلَ اللهُ لَنَا الدِّينَ, وَأَتَمَّ اللهُ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ, وَرَضِيَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَنَا الْإِسْلَامَ دِينًا, فَدِينُنَا كَامِلٌ تَامٌّ شَامِلٌ لَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ, وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ, وَرَسُولُ اللهِ ﷺ قُبِضَ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ اللهَ أَكْمَلَ الدِّينَ, وَانْتَهَتْ وَظِيفَةُ النَّبِيِّ الْأَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بَلَّغَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ.

وَفِي ((الصَّحيِحَيْنِ)) - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((ضَحَّى النَّبِيُّ ﷺ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ, ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا)).

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

فَقَدْ ضَحَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَضَحَّى أَصْحَابُهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ سُنَّةُ الْمُسْلِمِينَ؛ يَعْنِي: طَرِيقَتَهُمْ.

 

المصدر:أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ وَدُرُوسٌ مِنْ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  وِقَايَةُ الْأَبْنَاءِ مِنْ مَكْرِ أَصْحَابِ الْأَحْزَابِ وَالْجَمَاعَاتِ
  أَهَمِّيَّةُ اِغْتِنَامِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ
  سُوءُ عَاقِبَةِ آكِلِ السُّحْتِ فِي الْآخِرَةِ
  نَمَاذِجُ لِلْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  تَقْدِيمُ مَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ
  أَمْرُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالصِّدْقِ وَثَنَاؤُهُ عَلَى الصَّادِقِينَ
  خَطَرُ الْخِيَانَةِ عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ
  سُلُوكُ الصَّائِمِينَ الْمُتَّقِينَ
  اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: بَيَانُ مَكَانَةِ الْقُدْسِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي الْإِسْلَامِ
  الدرس التاسع والعشرون : «التَّعَاوُنُ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى»
  التَّرْشِيدُ فِي السُّنَّةِ.. خَاصَّةً فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
  مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ سَبِيلٌ لِوَحْدَتِهَا
  المَوْعِظَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : ((الْقُرْآنُ سَبِيلُ الْعِزَّةِ وَالنَّصْرِ لِلْأُمَّةِ))
  حُبُّ الْوَطَنِ غَرِيزَةٌ فِي كُلِّ كَائِنٍ حَيٍّ
  • شارك