((جُمْلَةٌ مِنْ سُنَنِ الْعِيدِ))
عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: ((مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟)).
قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ)) . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
فَهَذَانِ هُمَا عِيدَا الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، ومِنْ شَعَائِرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: الْفَرَحُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، وَجَعَلَ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ بِعَقِبِ عِبَادَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ، وَفَرْضَيْنِ جَلِيلَيْنِ مِنْ فُرُوضِ الْإِسْلَامِ الْكَرِيمِ.
((هَدْيُ النَّبِيِّ ﷺ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ))
*صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى:
«مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي لَا خِلَافَ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى»، وَلَمْ يُصَلِّهَا الرَّسُولُ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ قَطُّ، لَا فِي عِيدِ فِطْرٍ وَلَا أَضْحَى، مَعَ أَنَّ مَسْجِدَ النَّبيِّ ﷺ الصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى، ... » الْحَدِيثَ .
وَأَيْضًا «كَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى -جَمِيعَ النِّسَاءِ-» ، حَتَّى الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمُصَلَّى، يَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى، يَقِفْنَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ بَعِيدًا، يَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَجَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ الرَّسُولُ ﷺ.
*فَيُخْرَجُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ؛ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: ((خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ)) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
*الْحِكْمَةُ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى:
ذَكَرَ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْمُصَلَّى.
وَقَالَ : ((هَذِهِ السُّنَّةُ -سُنَّةُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى- لَهَا حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ بَالِغَةٌ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَانِ فِي السَّنَةِ يَجْتَمِعُ فِيهِمَا أَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ رِجَالًا وَنِسَاءً وَصِبْيَانًا، يَتَوَجَّهُونَ إِلَى اللهِ بِقُلُوبِهِمْ، تَجْمَعُهُمْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُصَلُّونَ خَلْفَ إِمَامٍ وَاحِدٍ يُكَبِّرُونَ وَيُهَلِّلُونَ، وَيَدْعُونَ اللهَ مُخْلِصِينَ كَأَنَّهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَيَكُونُ الْعِيدُ عِنْدَهُمْ عِيدًا.
وَقَدْ أَمَرَ الرَّسُولُ ﷺ بِخُرُوجِ النِّسَاءِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مَعَ النَّاسِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً؛ حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَا تَلْبَسُ فِي خُرُوجِهَا، بَلْ أَمَرَ أَنْ تَسْتَعِيرَ ثَوْبًا مِنْ غَيْرِهَا؛ حَتَّى إِنَّهُ أَمَرَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُنَّ عُذْرٌ يَمْنَعُهُنَّ مِنَ الصَّلَاةِ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى؛ لِيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَالْأُمَرَاءُ النَّائِبُونَ عَنْهُمْ فِي الْبِلَادِ يُصَلُّونَ بِالنَّاسِ الْعِيدَ، ثُمَّ يَخْطُبُونَهُمْ بِمَا يَعِظُونَهُمْ بِهِ، وَيُعَلِّمُونَهُمْ مِمَّا يَنْفَعُهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَيَأْمُرُونَهُمْ بِالصَّدَقَةِ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ، فَيَعْطِفُ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ، وَيَفْرَحُ الْفَقِيرُ بِمَا يُؤْتِيهِ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فِي هَذَا الْحَفْلِ الْمُبَارَكِ الَّذِي تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ وَالرِّضْوَانُ)).
قَالَ: ((فَعَسَى أَنْ يَسْتَجِيبَ الْمُسْلِمُونَ لِاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِمْ ﷺ، وَلِإِحْيَاءِ شَعَائِرِ دِينِهِمُ الَّذِي هُوَ مَعْقِدُ عِزِّهِمْ وَفَلَاحِهِمْ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
*حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ :
صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَاجِبَةٌ؛ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَيْهَا، وَأَمْرِهِ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَيْهَا.
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى -الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ- فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ.
قَالَ: ((لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا)) .
قَالَ صِدِّيقْ حَسَنْ خَانْ -رَحِمَهُ اللهُ- : ((قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ: هَلْ صَلَاةُ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ أَوْ لَا؟
وَالْحَقُّ: الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ ﷺ مَعَ مُلَازَمَتِهِ لَهَا قَدْ أَمَرَنَا بِالْخُرُوجِ إِلَيْهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ أَمْرِهِ لِلنَّاسِ أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ الرَّكْبُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَفِي ((الصَّحِيحَيْنِ)) مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ.. وَسَاقَهُ.
قَالَ: فَالْأَمْرُ بِالْخُرُوجِ يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ لِمَنْ لَا عُذْرَ لَهَا بِفَحْوَى الْخِطَابِ، وَالرِّجَالُ أَوْلَى مِنَ النِّسَاءِ بِذَلِكَ؛ بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ الْقُرْآنِيُّ بِصَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْمُرَادُ: صَلَاةُ الْعِيدِ.
وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا: أَنَّهَا مُسْقِطَةٌ لِلْجُمُعَةِ إِذَا اتَّفَقَتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ, وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَا يُسْقِطُ مَا كَانَ وَاجِبًا)).
وَقَالَ: ((وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى كُلِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مَا يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ)).
قَالَ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- : ((وُجُوبُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ)).
عَنْ أُخْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((وَجَبَ الْخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ -يَعْنِي: فِي الْعِيدَيْنِ-)) .
فَالرِّجَالُ أَوْلَى كَمَا قَالَ صِدِّيق حَسَن خَان -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-.
فَصَلَاةُ الْعِيدِ؛ الْأَدِلَّةُ مُتَظَاهِرَةٌ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى وُجُوبِهَا.
*وَفِي يَوْمِ الْعِيدِ يُلْبَسُ الْجَدِيدُ :
فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ)) . أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي ((الْأَوْسَطِ))، وَجَوَّدَهُ -أَيْ: جَوَّدَ إِسْنَادَهُ- الْأَلْبَانِيُّ، وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الْأَحْمَرَ الْمُصْمَتَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ نَهَى عَنْ لُبْسِهِ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمْرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا)). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((صَحِيحِهِ)) .
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ)) . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَه، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
*وَيُسْتَحَبُّ مُخَالَفَةُ الطَّرِيقِ يَوْمَ الْعِيدِ؛ فَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ، وَيَرْجِعُ فِي آخَرَ:
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ؛ خَالَفَ الطَّرِيقَ)).
«سُنَّةُ التَّكْبِيرِ مُنْفَرِدًا فِي الطَّرِيقِ وَالْمُصَلَّى بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ»
عَلَيْنَا أَنْ نُكَبِّرَ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ الذَّهَابِ إِلَى الْمُصَلَّى بِصَوْتٍ عَالٍ، لَا نَسْتَحِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا نَسْتَحِي مِنَ التَّكْبِيرِ.
تُكَبِّرُ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ, وَأَنْتَ سَائِرٌ فِي الطَّرِيقِ إِلَى أَنْ تَجْلِسَ فِي الْمُصَلَّى؛ فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَتْ: «كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ العِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَطُهْرَتَهُ» .
*وَإِذَا دَخَلْتَ الْمُصَلَّى لَا تُصَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي الْمُصَلَّى -يَعْنِي قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ-»؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ يَوْمَ الفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَمَعَهُ بِلَالٌ» .
*التَّكْبِيرُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى:
وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- التَّكْبِيرُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ». أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي «تَمَامِ الْمِنَّةِ».
*وَمِنْ صِيَغِ التَّكْبِيرِ الثَّابِتَةِ: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ»؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ, يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ» .
وَمِنْ صِيَغِ التَّكْبِيرِ أَيْضًا: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا»( ).
فَالتَّكْبِيرُ يَكُونُ بِأَيِّ صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِ التَّكْبِيرِ الْوَارِدَةِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
*التَّحْذِيرُ مِنْ بِدْعَةِ التَّكْبِيرِ الْجَمَاعِيِّ:
«وَإِذَا مَا جَلَسَ الْإِنْسَانُ فِي الْمُصَلَّى عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ وَحْدَهُ»، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَائِدٌ يَأْخُذُ الْمُكَبِّرَ -مُكْبِّرَ الصَّوْتِ- وَيَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ.. وَهُمْ يَسِيرُونَ خَلْفَهُ مِثْلَ الْمَايِسْتِرُو مَعَ فِرْقَتِهِ، فَهَذَا غَيْرُ وَارِدٍ، وَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ!!
كُلُّ وَاحِدٍ يُكَبِّرُ وَحْدَهُ مَعَ رَبِّهِ –وَحْدَهُ-، وَأَمَّا التَّكْبِيرُ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ، فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ، بِصَوْتٍ وَاحِدٍ، فَهَذَا بِدْعَةٌ.
النَّاسُ يُعْلِنُونَ التَّكْبِيرَ لَا يَسْتَحُونَ، يُكَبِّرُونَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي الطُّرُقَاتِ، عَلَى الْفُرُشِ، فِي الْبُيُوتِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يَتَوَاطَؤُونَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ قَطُّ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَأْتُونَ بِالتَّكْبِيرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ مَعَ الْجَهْرِ فِي مَسَاجِدِ اللهِ بِعَقِبِ الصَّلَوَاتِ؛ هَذِهِ بِدْعَةٌ.
وَالتَّكْبِيرُ الْجَمَاعِيُّ بِدْعَةٌ فِي الطُّرُقَاتِ، فِي الْمَسَاجِدِ، فِي الْمُصَلَّى، وَإِنَّما «يُكَبِّرُ كُلٌّ رَبَّهُ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ، يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ، هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ فِيهِ»، يُكَبِّرُ رَبَّهُ، وَيَشْكُرُ وَيَفْرَحُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ؛ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ، يَفْرَحُ بِالطَّاعَةِ، وَيَشْكُرُ اللهَ بِهَا.
فَيُكَبِّرُ التَّكْبِيرَ الْمُطْلَقَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّغَارُ وَالْكِبَارُ فِي الْبُيُوتِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا إِلَّا فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَيْسَتْ مَحَلًّا لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى.
وَيُكَبَّرُ تَكْبِيرٌ مُقَيَّدٌ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ غَيْرِ مَا تَوَاطُئٍ وَلَا اجْتِمَاعٍ مُتَعَمَّدٍ عَلَى التَّكْبِيرِ.
المصدر:مَعَالِمُ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ