وِقَايَةُ الْأَوْلَادِ مِنَ النَّارِ بِتَعْلِيمِهِمُ الِاعْتِقَادَ الصَّحِيحَ


((وِقَايَةُ الْأَوْلَادِ مِنَ النَّارِ بِتَعْلِيمِهِمُ الِاعْتِقَادَ الصَّحِيحَ))

{قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}!

لَنْ تَقُوا أَنْفُسَكُمُ النَّارَ، وَلَنْ تَقُوا أَهْلِيكُمُ النَّارَ وَأَنْتُمْ بِمَبْعَدَةٍ عَنْ عِلْمِ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ، وَعَنْ مَعْرِفَةِ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ.

وَكَيْفَ يَقِي الْعَبْدُ نَفْسَهُ النَّارَ، وَكَيْفَ يَقِي الْعَبْدُ أَهْلَهُ النَّارَ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالِاعْتِقَادِ الَّذِي يُنجِّيه من النار؟!!

إِنَّهُ إِذَا أُلْقِيَ فِي قَبْرِهِ، فَجَاءَهُ الْمَلَكَانِ، فَأَقْعَدَاهُ فَسَأَلَاهُ تِلْكَ الْأَسْئِلَةَ:

مَنْ رَبُّكَ؟

وَمَا دِينُكَ؟

وَمَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ-؟

يَكُونُ زَائِغًا فِي الِاعْتِقَادِ، مُبْتَدِعًا فِيهِ، فَكَيْفَ يُجِيبُ؟!!

لَا يُجِيبُ إِلَّا الْمُوَحِّدُونَ الثَّابِتُونَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}.

عِنْدَمَا يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ، وَعِنْدَمَا يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِاسْتِخْرَاجِ مَكْنُونَاتِ قُلُوبِهِمْ، فَمَا فِي الْقَلْبِ يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ.

وَإِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ النِّفَاقِ كَانُوا يَفْزَعُون؛ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ عَظِيمَ خَطَرِهِ، فَكَمْ مِنْ بَاعِثٍ لِفِعْلٍ وَهُوَ بَاعِثُ شَهْوَةٍ وَهُوَ حَظُّ نَفْسٍ وَهُوَ ذَوْقُهَا وَهُوَ عَمَلٌ لِلدُّنْيَا لَا لِلْآخِرَةِ، كَمْ مِنْ بَاعِثٍ لَا يُحَرَّرُ!!

وَأَمَّا سَلَفُنَا الصَّالِحُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ فَلَمْ يُعَالِجُوا شَيْئًا هُوَ أَشَقُّ وَأَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ نِيَّاتِهِمْ؛ مِنْ أَجْلِ تَحْرِيرِهَا لِرَبِّهِمْ، لِكَيْ يَكُونَ الْكَلَامُ للهِ، كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّمْتُ للهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ للهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْكَفُّ عَنْهُ للهِ، حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ للهِ وَبِاللهِ وَمَعَ اللهِ.

فَمَا عَالَجُوا شَيْئًا هُوَ أَشَقُّ وَأَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ نِيَّاتِهِمْ، عَلَيْنَا أَنْ نُحَرِّرَهَا؛ لِأَنَّنَا إِذَا لَمْ نَفْعَلْ ذَلِكَ أَهْلَكْنَا أَنْفُسَنَا، وَأَهْلَكْنَا مَنْ خَلْفِنَا.

{قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}!

عَلِّمُوهُمْ أُصُولَ الِاعْتِقَادِ!

دُلُّوهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالرَّشَادِ، كَمَا تَجْتَهِدُونَ فِي تَعْلِيمِهِمُ اللُّغَاتِ الْأَجْنَبِيَّةَ -لُغَاتِ الْأَقْوَامِ الَّذِينَ حَارَبُوا الدِّينَ، وَنَاصَبُوا الْعَدَاءَ لِلْمِلَّةِ-، كَمَا تَجْتَهِدُونَ فِي رِعَايَتِهِمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ لِيُحَصِّلُوا الدُّنْيَا.

عَلِّمُوهُمْ دِينَ رَبِّهِمْ؛ عَقِيدَتَهُ، وَعِبَادَتَهُ، وَمُعَامَلَتَهُ، وَأَخْلَاقَهُ وَسُلُوكَهُ؛ لِيَفُوزُوا بِالرِّضْوَانِ فِي الْآخِرَةِ مَعَ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا، وَإِلَّا فَقَدْ خُنْتُمُ الْأَمَانَةَ، وَإِلَّا فَمَا أَدَّيتُمْ حَقَّ ذَويِكُمْ عَلَيْكُمْ.

تَعَلَّمُوا أُصُولَ الِاعْتِقَادِ وَعَلِّمُوهَا!

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ مِنَ الشِّرْكِ الَّذِي يُوَرِّطُ الْخَلْقَ فِي النَّارِ تَوَرُّطًا، وَاللهُ لَا يَغْفِرُهُ: {إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به}.

عَلِّمُوهُمْ أَنْ يَنْذِرُوا للهِ!

عَلِّمُوهُمْ أَلَّا يَذْبَحُوا إِلَّا للهِ، أَلَّا يَتَوَكَّلُوا إِلَّا عَلَى اللهِ، أَلَّا يُحِبُّوا إِلَّا فِي اللهِ، وَأَلَّا يُبْغِضُوا إِلَّا فِي اللهِ!

عَلِّمُوهُمْ أَسْمَاءَ اللهِ وَصِفَاتِ اللهِ!

دُلُّوهُمْ عَلَى الصَّوَابِ وَالْحَقِيقَةِ فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، أَلَّا يَكُونُوا مُرْجِئَةً، وَأَلَّا يَكُونُوا خَوَارِجَ؛ فَيَخْسَرُوا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ!

عَلِّمُوهُمُ الْحَقَّ الْحَقِيقَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وَإِلَّا صَارُوا مُتَوَاكِلِينَ، لَا يَنْهَضُونَ لِهِمَّةٍ، وَلَا يَأْتُونَ بِعَزْمٍ فِي مُلِمَّةٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَلًّا، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَهُوَ يُحْسِنُ بَابَ الْإِيمَانِ وَالْقَدَرِ!

عَلِّمُوهُمُ الْوَاجِبَ تِجَاهَ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ، أَلَّا يَكُونُوا رَافِضَةً، وَأَلَّا يَكُونُوا نَاصِبَةً، حَتَّى يَكُونُوا عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ!

عَلِّمُوهُمُ الْحَقَّ الْحَقِيقَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ حَتَّى يُجَانِبُوا الشِّيعَةَ الرَّوَافِضَ الْمَلَاعِينَ فِي سَبِّهِمْ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ، وَفِي تَكْفِيرِهِمْ لَهُمْ، وَفِي رَمْيِهِمْ بِالْخِيَانَةِ لِلدِّينِ، وَارْتِدَادِهِمْ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ؛ حَتَّى لَا يَنْجُمَ فِي بَيْتِكَ مَنْ يَقُولُ: هَؤُلَاءِ إِخْوَانُنَا وَهُؤَلَاءِ نَتَقَارَبُ مَعَهُمْ!!

عَلِّمُوهُمْ.. عَلِّمُوهُمُ الْحَقَّ الْحَقِيقَ فِي كِتَابِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-؛ حَتَّى لَا يَخْدَعَهُمْ خَادِعٌ وَلَا مُخَادِعٌ، فَيَزْعُمَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ -شَيْءٌ قَلِيلٌ-؛ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ!!

وَمَنْ قَالَ: بِأَنَّهُ قَدْ نَقُصَ مِنْهُ شَيْءٌ -شيءٌ قَلِيلٌ-؛ فَهُوَ أَخُونَا!! وَمِنْ أَهْلِ قِبْلَتِنَا!! نَأْكُلُ ذَبِيحَتَهُ!! وَنُوَافِقُهُ وَنُوَالِيهِ!!

عَلِّمُوهُمْ أَلَّا يَنْظُرُوا إِلَى كِتَابِ رَبِّهِمْ -جَلَّ وَعَلَا- نَظْرَةَ السُّوءِ؛ فَيَرَوْهُ مُفَكَّكًا لَا يَتَمَاسَكُ كَمَا يَزْعُمُ الْعَلْمَانِيُّونَ وَالْمُسْتَشْرِقُونَ، وَكَمَا يَزْعُمُ الْمُكَفِّرُونَ الْمُنَصِّرُونَ؛ فَإِنَّهُمْ يَزْعَمُونَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا وَكَثِيرًا!

عَلِّمُوهُمْ حَقَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ، عَرِّفُوهُمْ بِهِ!

وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ امْتِثْالِ أَمْرِ اللهِ فِي قَوْلِهِ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6].

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا؛ فَسَتَكُونُونَ وَقُودَهَا، يُحَذِّرُكُمُ اللهُ!! {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

طَهِّرُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَدْرَانِهَا، نَظِّفُوهَا مِنْ أَوْسَاخِهَا؛ مِنَ الشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ، مِنَ النِّفَاقِ وَالسُّمْعَةِ، مِنْ كُلِّ مَا يَشِينُ، مِنَ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَةِ فِي الدِّينِ، مِنَ الْإِقْبَالِ عَلَى الْمُلَهِيَّاتِ، وَإِضَاعَةِ الْأَوْقَاتِ فِي غَيْرِ مَا يُرْضِي رَبَّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.

اتَّقُوا اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَنْفُسِكُمْ وَفِي أَهْلِيكُمْ؛ فَإِنَّمَا هِيَ أَمَانَةٌ!

وَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يُصْلِحُنِي وَيُصْلِحُكُمْ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

المصدر:تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة وَحُقُوقُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  نِعْمَةُ الْأَمْنِ وَالْأَمَانِ في الْأَوْطَانِ الْمُسْلِمَةِ
  الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مِنَّةُ اللهِ عَلَى كُلِّ الْبَشَرِيَّةِ
  خَوْفُ السَّلَفِ مِنَ النِّفَاقِ
  حَقُّ الْوَالِدَيْنِ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- وَذُلُّ الْعَاقِّ لِوَالِدَيْهِ
  حُبُّ الْوَطَنِ وَالِانْتِمَاءِ إِلَيْهِ مِنْ عَوَامِلِ بِنَائِهِ
  قَضِيَّةُ الْأُمَّةِ قَضِيَّةُ فِلَسْطِينَ
  الْمَوْعِظَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((التَّوْحِيدُ أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبِيدِ))
  الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْعَشْرِ
  أَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ
  التَّحْذِيرُ مِنْ بِدْعَةِ التَّكْبِيرِ الْجَمَاعِيِّ
  لِمَاذَا يُدَمِّرُونَ دِمَشْقَ الْخِلَافَةَ؟!!
  الذِّكْرُ هُوَ بَابُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ
  الْمُسْلِمُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ بِالْأُخُوَّةِ وَالتَّكَافُلِ
  ذِكْرُ اللهِ رُوحُ الِاعْتِكَافِ
  عِبَادَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ
  • شارك