مُوَاسَاةُ الْمُحْتَاجِينَ وَمُسَاعَدَتُهُمْ بِالصَّدَقَاتِ


((مُوَاسَاةُ الْمُحْتَاجِينَ وَمُسَاعَدَتُهُمْ بِالصَّدَقَاتِ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الصَّدَقَةَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَتُشْرَعُ فِي كُلِّ وَقْتٍ؛ لِإِطْلَاقِ الْحَثِّ عَلَيْهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلِلتَّرْغِيبِ فِيهَا:

قَالَ تَعَالَى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: 177].

وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 280].

وَفِي ((الصَّحِيحَيْنِ)) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ -ذَكَرَ مِنْهُمْ-: وَرَجَلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ)).

وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُ الْمُتَصَدِّقِ، غَيْرَ مُمَتَنٍّ بِهَا عَلَى الْمُحْتَاجِ، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ} [البقرة: 264].

وَسُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟

فَقَالَ: ((أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وَتَكُونُ الصَّدَقَةُ فِي أَوْقَاتِ الْحَاجَةِ أَفْضَلُ: قَالَ تَعَالَى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} [البلد: 14-16].

*كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الْأَبْعَدِينَ، فَقَدْ أَوْصَى اللهُ بِالْأَقَارِبِ، وَجَعَلَ لَهُمْ حَقًّا عَلَى قَرِيبهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ} [الإسراء: 26].

وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ؛ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ)). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الضَّبِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وَحَسَّنَهُ التَّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي ((الصَّحِيحَيْنِ)): ((أَجْرَان؛ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ)).

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَالِ حُقُوقًا سِوَى الزَّكَاةِ:

*نَحْوَ مَوَاسَاةِ الْقَرَابَةِ وَصِلَةِ إِخْوَانِكَ، وَإِعْطَاءِ سَائِلٍ، وَإِعَارَةِ مُحْتَاجٍ، وَإِنْذَارِ مُعْسِرٍ، وَإِقْرَاضِ مُقْتَرِضٍ.

قَالَ تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19].

*وَيَجِبُ إِطْعَامُ الْجَائِعِ، وَقِرَى الضَّيْفِ، وَكِسْوَةُ الْعَارِي، وَسَقْيُ الظَّمْآنِ، بَلْ ذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ- إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِدَاءُ أَسْرَاهُمْ وَإِنِ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ أَمْوَالَهُمْ كُلَّهَا.

هَذِهِ كُلُّهَا مِنْ مَحَاسِنِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّهُ دِينُ الْمُوَاسَاةِ وَالرَّحْمَةِ، دِينُ التَّعَاونِ وَالتَّآخِي فِي اللهِ.

فَمَا أَجْمَلَهُ!

وَمَا أَجَلَّهُ!

وَمَا أَحْكَمُ تَشْرِيعَهُ!

 

المصدر:قَضَاءُ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  النَّهْيُ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  مَفْهُومُ الْجِهَادِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالِادِّعَاءِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ لِلْحِفَاظِ عَلَى الْأَوْطَانِ: الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي حُقُوقِ الْحُكَّامِ
  اتِّبَاعُ النَّبِيِّ ﷺ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي دِينِهِ وَخُلُقِهِ
  نَصَائِحُ غَالِيَةٌ لِلطُّلُّابِ وَالدَّارِسِينَ
  مِنْ دُرُوسِ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّ: الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَالْمِحْنَةَ يَتْبَعُهَا مِنْحَةٌ
  اتَّقُوا اللهَ فِي الْجَزائِرِ وَاحْذَرُوا الْفَوْضَى!!
  الدرس الرابع والعشرون : «سَلَامَةُ الصَّدْرِ»
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: حُبُّ الْوَطَنِ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ
  جُمْلَةٌ مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ
  هَلْ عَرَفْنَا النَّبِيَّ ﷺ حَقًّا وَاتَّبَعْنَاهُ صِدْقًا؟!!
  الدرس الثامن والعشرون : «الاسْتِغْفَــــارُ وَالتَّوْبَةُ»
  هَلْ يُحْكَمُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّهَادَةِ؟
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: الْمُسَارَعَةُ فِي الْخَيْرَاتِ وَالسَّعْيُ لِنَيْلِ رِضَا اللهِ
  الصِّدْقُ مِنْ صِفَاتِ اللهِ، وَمِنْ صِفَاتِ الْمُرْسَلِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ
  • شارك