خُطُورَةُ الْمَعَاصِي وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْحَجِّ


((خُطُورَةُ الْمَعَاصِي وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْحَجِّ))

قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25].

وَمَنْ يُرِدْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْمَيْلَ عَنِ الْحَقِّ ظُلْمًا، وَيَعْصِي اللهَ فِيهِ؛ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ مُوجِعٍ فِي الْآخِرَةِ، وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّيِّئَةَ فِي الْحَرَمِ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، فَإِنَّهَا تُضَاعَفُ فِيهِ، وَأَنَّ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ فِي الْحَرَمِ مُؤَاخَذٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].

وَقْتُ الْحَجِّ أَشْهَرٌ مَعْلُومَاتٌ وَهِيَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ))؛ لِأَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ تُسْتَوْفَى فِيهَا، وَتُؤْخَذُ الْأُهْبَةُ لَهُ فِيهَا، وَيُحْرَمُ بِهِ -أَيْ بِالْحَجِّ فِيهَا-، فَمَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ وَأَوْجَبَ عَلَيْهَا فِي الْأَشْهُرِ الْمَعْلُومَاتِ الْحَجَّ بِالْإِحْرَامِ؛ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ الْقَوْلِيَّةُ وَالْفِعْلِيَّةُ، وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَعَاصِي وَالْمِرَاءُ وَالْمُخَاصَمَةُ، فَإِذَا كُنْتُمْ قَدْ تَنَزَّهَتُمْ فِي حَجِّكُمْ عَنْ كُلِّ شَرٍّ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ اجْتَمَعْتُمْ لِعَمَلِ الْخَيْرِ، فَتَنَافَسُوا فِيهِ، وَتَبَادَلُوا النَّفْعَ، وَاعْمَلُوا عَلَى مَا يُقَوِّي جَمْعَكُمْ، وَيُزِيلُ الضُّرَّ عَنْكُمْ، وَيَدْفَعُ عَنْكُمْ كَيْدَ الْكَائِدِينَ.

وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمُهُ اللهُ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، وَهُوَ الَّذِي يُثِيبُكُمْ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَزَوَّدُوا بِالتَّقْوَى لِمَعَادِكُمْ عِنْدَمَا تَرْحَلُونَ عَنِ الدُّنْيَا بِالْمَوْتِ، فَإِنَّ أَفْضَلَ زَادٍ يَتَزَوَّدُ الْإِنْسَانُ بِهِ إِلَى دَارِ الْآخِرَةِ هُوَ تَقْوَى اللهِ تَعَالَى، بِالْتِزَامِ أَحْكَامِ شَرِيعَتِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ الَّذِي يُوصِلُ إِلَى النَّعِيمِ الْمُقِيمِ فِي الْجَنَّةِ.

وَخَافُوا عِقَابِي، وَالْتَزِمُوا بِشَرِيعَتِي، وَاشْتَغِلُوا بِعِبَادَتِي يَا ذَوِي الْعُقُولِ الْوَاعِيَةِ الدَّرَّاكَةِ الَّتِي تَعْقِلُ الْمَعَارِفَ فَتُمْسِكُ بِهَا، وَتَعْقِلُ النُّفُوسَ عَنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ.

 

المصدر: الْحَجُّ بَيْنَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَفِقْهِ الْمَنَاسِكِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  فَوَائِدُ الزَّوَاجِ الْعَظِيمَةُ وَثَمَرَاتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
  جُمْلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ الصَّوْمِ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ: الرِّفْقُ وَالرَّحْمَةُ بِهِ
  الْعِلَاجَاتُ النَاجِعَةُ لِلتَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ وَمَا نَتَجَ عَنْهُ مِنْ إِرْهَابٍ وَتَدْمِيرٍ وَإِلْحَادٍ
  الْحَثُّ عَلَى الْمُرُوءَةِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  سُبُلُ مُوَاجَهَةِ الإِدْمَانِ وَالْمُخَدِّرَاتِ
  الْمُسْلِمُ الْحَقُّ نَظِيفٌ طَاهِرٌ وَمَظَاهِرُ حَثِّ النَّبِّي ﷺ عَلَى النَّظَافَةِ
  دَعْوَةُ الْمُسْلِمِينَ لِلتَّوْحِيدِ وَتَقْدِيمُ مَصْلَحَتِهِمْ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْخَاصَّةِ
  حُرْمَةُ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَأَدِلَّتُهَا
  دِينُ الْعَمَلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ
  رِحْلَةُ الْعَوْدَةِ تَبْدَأُ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ
  نَصِيحَةٌ غَالِيَةٌ لِلنِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ
  اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
  اسْتِقْبَالُ رَمَضَانَ بِالْفَرْحَةِ
  بَيَانُ مَخَاطِرِ التَّدْخِينِ وَوُجُوهُ تَحْرِيمِهِ
  • شارك