((تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ وَوَحْدَةُ الْأُمَّةِ))
لَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ اسْتَمَرَّ فِي الِاتِّجَاهِ فِي صَلَاتِهِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ،كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَلَى التَّرَدُّدِ، وَفِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ أَمَرَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالتَّحَوُّلِ فِي صَلَاتِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-.
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ تَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ كَانَ فِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ- هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَبِهِ جَزَمُوا، وَذَهَبَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إِلَى أَنَّ تَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ كَانَ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ، فَيَكُونُ تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ فِي السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
عَلَى كُلِّ حَالٍ: تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ لَنَا دَلَالَتُهُ وَعَلَامَتُهُ، نَحْنُ أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ، رَبُّهَا وَاحِدٌ، وَنَبِيُّهَا وَاحِدٌ، وَكِتَابُهَا وَاحِدٌ، وَقِبْلَتُهَا وَاحِدَةٌ، وَهَدَفُهَا وَاحِدٌ: إِقَامَةُ دِينِ اللهِ فِي أَرْضِ اللهِ عَلَى خَلْقِ اللهِ، تَعْبِيدُ الْخَلْقِ لِلْخَلَّاقِ الْعَظِيمِ، هَذَا هَدَفُهَا، تَعْبُدُ رَبَّهَا وتُعَبِّد الْخَلْقَ لَهُ -جَلَّ وَعَلَا-، وَهِيَ مُتَمَيِّزَةٌ فِي هَذَا كُلِّهِ.
نَهَانَا رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنْ مُشَابَهَةِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: 32].
المصدر:تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ.. دُرُوسٌ وَعِبَرٌ