تَعَلَّمُوا مِنْ دُرُوسِ التَّارِيخِ!


((تَعَلَّمُوا مِنْ دُرُوسِ التَّارِيخِ!))

دَرْسٌ مُهِمٌّ مِنْ دُرُوسِ التَّارِيخِ يَجِبُ حِفْظُهُ، الْأَغْبِيَاءُ فَقَطْ هُمُ الَّذِينَ يُكَرِّرُونَ أَخْطَاءَهُمْ.

الْإِنْسَانُ يَعِيشُ فِي جَمَاعَةٍ، وَالْفِيلُ أَيْضًا، وَيَتَمَتَّعُ بِالذَّكَاءِ، وَالثَّعْلَبُ أَيْضًا، وَالْإِنْسَانُ يَمْتَلِكُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَلَامِ، وَالْبَبَّغَاءُ قَدْ يَبْدُو كَذَلِكَ، وَالْإِنْسَانُ يُفَكِّرُ، وَقَدْ يُفَكِّرُ الْكَلْبُ أَيْضًا، وَالْإِنْسَانُ يَضْحَكُ، وَقَدْ يَبْدُو الْقِرْدُ ضَاحِكًا، وَلَكِنَّ فَارِقًا فَارِقًا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى وَهُوَ التَّارِيخُ.

الْإِنْسَانُ كَائِنٌ لَهُ تَارِيخٌ، يَسْتَفِيدُ مِنْ أَخْطَائِهِ، يَتَعَلَّمُ مِنْهَا وَيَتَجَاوَزُهَا.

إِنَّ الْفَأْرَ يَقَعُ فِي الْمَصْيَدَةِ مُنْذُ آلَافِ السِّنِينِ بِقِطْعَةِ الْجُبْنِ الشَّهِيَّةِ ذَاتِهَا دُونَ تَغْيِيرٍ.

وَمُنْذُ وَقَعَ أَوَّلُ أَسَدٍ فِي شَبَكَةِ أَوَّلِ صَيَّادٍ وَحَفَدَةُ الْأَسَدِ يَقَعُونَ فِي الشَّبَكَةِ ذَاتِهَا دُونَ تَعَلُّمٍ، وَيَسْهُلُ جَرْجَرَةُ فِيلٍ إِلَى حَدِيقَةِ حَيَوَانٍ بِقَلِيلٍ مِنَ الْخُضْرَةِ كَمَا حَدَثَ مَعَ جَدِّهِ الْأَوَّلِ دُونَ خِبْرَةٍ.

أَمَّا الْإِنْسَانُ؛ فَكُلُّ تَجْرِبَةٍ تَمُرُّ بِهِ تُكْسِبُهُ مَعْرِفَةً، وَكُلُّ مَأْسَاةٍ يَتَعَرَّضُ لَهَا يَجِبُ أَلَّا يُكَرِّرَهَا، وَكُلُّ جُحْرٍ لُدِغَ مِنْهُ يَنْبَغِي أَلَّا يَمُدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى إِلَّا إِذَا كَانَ حَيَوَانًا، مُنْتَهَى الْإِهَانَةِ لِلْحَيَوَانِ!!

الْأَغْبِيَاءُ فَقَطْ هُمُ الَّذِينَ يُكَرِّرُونَ أَخْطَاءَهُمْ.. وَالْمِصْرِيُّونَ أَذْكِيَاءُ وَلَنْ يُكَرِّرُوا أَخْطَاءَهُمْ -إِنْ شَاءَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-- وَلَنْ يَدَعُوا أَحَدًا يُرِيدُ الْعَبَثَ بِعُقُولِهِمْ، وَالتَّأْثِيرَ عَلَى قَرَارِهِمْ.

وَلَا سَبِيلَ لِلْمِصْرِيِّينَ لِلْخُرُوجِ مِنَ النَّفَقِ، وَتَجَاوُزِ الْأَزْمَةِ إِلَّا بِالِالْتِفَافِ حَوْلَ قِيَادَتِهِمْ، وَتَفْوِيتِ الْفُرْصَةِ عَلَى أَعْدَاءِ دِينِهِمْ وَوَطَنِهِمْ، وَمُسْتَقْبَلِ أَبْنَائِهِمْ.

وَمِصْرُ فِي حَالَةِ حَرْبٍ حَقِيقِيَّةٍ، يَخُوضُهَا الْجَيْشُ الْمِصْرِيُّ الْبَاسِلُ فِي جَبَهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، أَظْهَرُهَا أَرْضُ الْفَيْرُوزِ -شِبْهُ جَزِيرَةِ سَيْنَاءَ- وَمَا تَمُوجُ بِهِ مِنَ التَّحَدِيَّاتِ وَالْمَخَاطِرِ، وَمَا تَزْخَرُ بِهِ مِنْ صُنُوفِ الْحَاقِدِينَ عَلَى مِصْرَ وَجَيْشِهَا وَأَمْنِهَا، وَشَعْبِهَا، وَقِيَادَتِهَا، فِي مُحَاوَلَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ مُسْتَمِيتَةٍ؛ لِإِسْقَاطِ الدَّوْلَةِ الْمِصْرِيَّةِ، وَتَقْوِيضِ بُنْيَانِهَا، وَهَدْمِ بِنَائِهَا.

وَيُعَاضِدُهُمْ بِطَرِيقَةٍ مُبَاشِرَةٍ وَغَيْرِ مُبَاشِرَةٍ أَقْوَامٌ مِنَ الْخَوَنَةِ، الْمُنْتَمِينَ لِهَذَا الْبَلَدِ، يُهَاجِمُونَ الْجَيْشَ الْمِصْرِيَّ، وَيَفْتَرُونَ الْأَكَاذِيبَ مُتَوَهِّمِينَ أَنَّ الْجَيْشَ الْمِصْرِيَّ جُزْءٌ مِنَ النِّظَامِ، مَعَ أَنَّ الْجَيْشَ الْمِصْرِيَّ جُزْءٌ مِنَ الدَّوْلَةِ الْمِصْرِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنِ الْجَيْشُ الْمِصْرِيُّ يَوْمًا جُزْءًا مِنَ النُّظُمِ الْحَاكِمَةِ.

وَلَوْ كَانَتِ الْجُيُوشُ تُولَدُ مِنْ رَحِمِ الدُّوَلِ الْمُتَطَوِّرَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ، فَإِنَّ الدَّوْلَةَ الْمِصْرِيَّةِ خَاصَّةً وُلِدَتْ مِنْ رَحِمِ الْمُؤَسَّسَةِ الْعَسْكَرِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ الْقَوِيَّةِ.

وَأَمَّا شِعَارُهُمُ الْفَاجِرُ: ((لَا لِحُكْمِ الْعَسْكَرِ))، فَلَا هُمْ يَعْرِفُونَ تَارِيخَهُ، وَلَا هُمْ يَدْرُونَ مَبْعَثَهُ، وَلَا هُمْ يَفْقَهُونَ مَعْنَاهُ.

وَالْمُؤَكَّدُ أَنَّ هَذَا الشِّعَارَ مُسْتَوْرَدٌ مِنْ أَمِرِيكَا اللَّاتِينِيَّةِ، وَعَبَّرَتْ عَنْهُ كِتَابَاتُ (غَارْسِيَا مَارْكِيز) الَّتِي أَثَّرَتْ فِي الْأَجْيَالِ الَّتِي نَضَجَتْ مَعَ دُوَلِ الْقَرْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، دُونَ أَنْ تَعْرِفَ هَذِهِ الْأَجْيَالُ أَنَّ بِدَايَةَ الْجِنَرَالَاتِ فِي أَمِرِيكَا اللَّاتِينِيَّةِ كَانَتْ قِيَادَةَ عِصَابَاتِ الْمُخَدِّرَاتِ، لَبِسَتْ -بَعْدَ أَنْ كَوَّنَتْ ثَرْوَاتٍ- ثِيَابَ الْقَادَةِ، وَوَضَعَتِ الرُّتَبَ وَالنَّيَاشِينَ.

ثُمَّ أَصْبَحُوا فِي مَرْحَلَةٍ لَاحِقَةٍ عُمَلَاءَ لِوَكَالَةِ الْمُخَابَرَاتِ الْأَمْرِيكِيَّةِ، فَلَا هُمْ يَنْتَمُونَ بِجُذُورٍ وَتَقَالِيدَ عَسْكَرِيَّةٍ إِلَى الْعَسْكَرِيَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَمُوا إِلَيْهَا، وَلَا هُمْ عَرَفُوا الِانْتِمَاءَ وَالْوَطَنِيَّةَ.

عَلَيْنَا -نَحْنُ الْمِصْرِيِّينَ- أَنْ نَحْذَرَ الْحَذَرَ كُلَّهُ مِنْ مُؤَامَرَاتِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَصِيبَةِ، وَلْنَأْخُذْ بِالْأَسْبَابِ أَخْذًا صَحِيحًا، مُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللهِ تَعَالَى؛ لِنَجْتَازَ هَذِهِ الْفَتْرَةَ الْخَطِرَةَ مِنْ تَارِيخِنَا، مُحَافِظِينَ عَلَى دِينِنَا؛ لِنَبْنِيَ وَطَنَنَا عَلَى تَوْحِيدِ الْخَالِقِ الْعَظِيمِ، وَاتِّبَاعِ نَبِيِّنَا الْكَرِيمِ ﷺ.

وَمِمَّا يَتَوَجَّبُ أَنْ يُدَافِعَ الْمُسْلِمُ عَنْ دَارِ الْإِسْلَامِ الْعَدُوَّ الَّذِي يُحَاوِلُ اغْتِصَابَهَا وَاحْتِلَالَهَا، وَأَنْ يُجَاهِدَ دُونَهَا بِالْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ؛ احْتِفَاظًا بِمَالِ أَهْلِهَا فِي وَطَنِهِمْ، مِنْ إِقَامَةِ شَعَائِرِ دِينِهِمْ، وَعِبَادَةِ رَبِّهِمْ، وَتَقْلُّبِهِمْ فِي أَمْلَاكِهِمْ، وَصَوْنِ حَرِيمِهِمْ، وَتَصَرُّفِهِمْ فِي مَعَائِشِهِمْ، وَالْقِيَامِ عَلَى تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ عَلَى دِينِ رَبِّهِمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ.

وَكُلُّ ذَلِكَ يُحَاوِلُ الْعَدُوُّ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُولَئِكَ، فَيَقْضِي عَلَى شَرَفِ دِينِهِمْ، وَيَمْنَعَ عِبَادَاتِهِمْ، وَيَنْهَبَ أَمْوَالَهُمْ وَمُقْتَنَيَاتِهِمْ، وَيَهْتِكَ حُرَمَهُمْ، وَيَمْحُوَ تَارِيخَ مَجْدِهِمْ، وَيُفْنِيَ لُغَتَهُمْ وَعُلُومَهُمْ فِي رِطَانَتِهِ وَعَوَائِدِهِ.

فَكُلُّ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ مِنْهُ مِمَّا يَنْوِيهِ الْعَدُوُّ الْغَاصِبُ لِلْوَطَنِ تِلْقَاءَ أَهْلِهِ؛ وَلِذَا وَجَبَ الْجِهَادُ دُونَهُ لِوَجْهِ اللهِ وَفِي سَبِيلِهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَنْ يَتَحَابُّوا وَلَا يَتَعَادَوْا، وَأَنْ يَتَنَاصَرُوا وَلَا يَتَخَاذَلُوا، وَأَنْ يَأْتَلِفُوا وَلَا يَخْتَلِفُوا؛ حَتَّى يَسْتَطِيعُوا إِقَامَةَ دِينِهِمْ، وَحِفْظَ أَعْرَاضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.

وَلَا بُدَّ مِنْ نَفْيِ الْعَصَبِيَّةِ وَالْأَغْرَاضِ الْمَذْمُومَةِ؛ مِنَ الِاسْتِعْلَاءِ بِالْجِنْسِ أَوِ الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الْإِنْسَانَ عَمَلُهُ.

أَخْرَجَ مَالِكٌ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: ((أَنْ هَلُمَّ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ)).

فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ: ((إِنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا، إِنَّمَا يُقَدِّسُ الْإِنْسَانَ عَمَلُهُ)).

وَمِيزَانُ الْفَضْلِ عِنْدَ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- هُوَ التَّقْوَى، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].

وَمَا أَشَدَّ جُرْمَ مَنْ يَسْعَى لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى، وَإِطْلَاقِ الْغَرَائِزِ مِنْ قُيُودِهَا!!

وَمَا أَكْبَرَ إِثْمَ مَنْ سَعْيُهُ لِإِضَاعَةِ مَكَاسِبِ الْإِسْلَامِ فِي بَلَدٍ يُنَعَّمُ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ بِهَذَا الدِّينِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَرْنًا مِنَ الزَّمَانِ.

فَمِصْرُ أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَهَا، وَأَنْ يَحْفَظَ أَهْلَهَا، وَأَنْ يُدِيمَ عَلَيْهَا أَمْنَهَا وَأَمَانَهَا، وَسَلَامَهَا وَإِسْلَامَهَا، وَأَنْ يَكْبِتَ أَعْدَاءَهَا، وَأَنْ يُسَلِّمْهَا وَجَمِيعَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

المصدر:الْبِرُّ وَالْوَفَاءُ وَرِسَالَةٌ هَامَّةٌ وَمُتَجَدِّدَةٌ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  حِيَاطَةُ الشَّرْعِ لِلْعَقْلِ
  رَحْمَةُ الْإِسْلَامِ بِالْعَالَمِ بِشَهَادَةِ الْغَرْبِيِّينَ
  سُنَّةُ التَّكْبِيرِ مُنْفَرِدًا فِي الطَّرِيقِ وَالْمُصَلَّى بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ
  الصِّيَامُ تَدْرِيبٌ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى
  الزَّوَاجُ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغَزَوَاتِ وَالْحُرُوبِ
  دُرُوسٌ مُهِمَّةٌ مِنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ لِعُمُومِ الْأُمَّةِ
  أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ مَتْبُوعَةٌ لَا تَابِعَةٌ
  انْتِصَارَاتُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَاضِ
  حُسْنُ الْخُلُقِ مَنْهَجٌ عَمَلِيٌّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ
  مَكَانَةُ الْقُدْسِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
  قَضَاءُ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ سَبَبٌ فِي تَقْيِيدِ النِّعَمِ عِنْدَ الْعَبْدِ
  أَهْدَافُ الْجِهَادِ السَّامِيَةِ
  نَصِيحَةٌ لِجَمَاعَاتٍ ضَالَّةٍ تُكَفِّرُ أَهْلَ الْقِبْلَةِ!!
  الْوَعْيُ بِتَحَدِّيَّاتٍ تُهَدِّدُ أَمْنَ الْوَطَنِ
  • شارك