((نَمَاذِجُ عَصْرِيَّةٌ لِلنِّفَاقِ الِاعْتِقَادِيِّ!!))
فِي زَمَانِنَا هَذَا خَلْقٌ كَثِيرٌ يَقْتَفُونَ آثَارَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ, وَهُمْ عَلَى نَهْجِهِ فِي سُلُوكِهِمْ, وَفِي أَقْوَالِهِمْ, وَفِي عَقَائِدِهِمْ.
وَمِنْ أَبْرَزِ هَذِهِ النَّمَاذِجِ الْبَاطِنِيُّونَ -الْبَاطِنِيَّةُ الرَّوَافِضُ- الَّذِينَ يُبْطِنُونَ شَيْئًا, وَيُظْهِرُونَ شَيْئًا آخَرَ .
وَمِنْهُمْ غُلَاةُ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْحُلُولِ وَالْوَحْدَةِ, وَحْدَةِ الْوُجُودِ, يُؤْمِنُونَ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ .
الرَّوَافِضُ يَقُولُونَ: إِنَّ هُنَالِكَ قُرْآنًا آخَرَ سَيُظْهِرُهُ مَهْدِيُّهُمْ, وَأَنَّ النُّسْخَةَ الصَّحِيحَةَ مِنَ الْقُرْآنِ أَخَذَهَا الْمَهْدِيُّ مَعَهُ فِي السِّرْدَابِ.
وَيَشْتُمُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَيَخُصُّونَ بِمَزِيدِ الشَّتْمِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
وَيَزْعُمُونَ أَنَّ أَئِمَّتَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ, وَأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ!!
هَؤُلَاءِ فِرَقٌ كَثِيرَةٌ, وَبَعْضُهُمْ يَعْتَقِدُ أُلُوهِيَّةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُونَ: إِنَّ فِيهِ جُزْءًا إِلَهِيًّا, وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ, وَيَقُولُونَ بِتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ وَاسْتِبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ, وَفِيهِمْ ضَلَالٌ كَبِيرٌ.
كُفْرُ هَذِهِ الْفِرَقِ ظَاهِرٌ, وَلَكِنَّ الْمُشْكِلَةَ أَنَّهُ يَأْتِيكَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ مُسْلِمٌ!! وَيُنْكِرُ كُلَّ غُلُوٍّ أَوْ تَطَرُّفٍ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْ مُعْتَقَدَاتِ طَائِفَتِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ.
وَتَجِدُ أَنَّ أَعْمَالَهُ تُخَالِفُ أَقْوَالَهُ, وَأَنَّ ظَاهِرَهُ يُخَالِفُ بَاطِنَهُ, وَهَذَا هُوَ النِّفَاقُ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِالتَّقِيَّةِ.
فَهَؤُلَاءِ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ, وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ.
وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الرَّوَافِضِ -بَلْ كُلُّهُمْ- يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِشَيْءٍ كَمَا يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالتَّقِيَّةِ وَالْكَذِبِ؛ فَدِينُهُمْ مَبْنَاهُ عَلَى الْكَذِبِ؛ يُظْهِرُونَ شَيْئًا, وَيُبْطِنُونَ سِوَاهُ.
فَهَؤُلَاءِ يَتَّهِمُونَ أَهْلَ السُّنَّةِ بِكُلِّ مُوبِقَةٍ, وَأَهْلُ السُّنَّةِ عِنْدَهُمْ أَنْجَسُ أَهْلِ الْأَرْضِ!!
أَهْلُ السُّنَّةِ عِنْدَ الرَّوَافِضِ أَنْجَسُ أَهْلُ الْأَرْضِ, وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ، وَفِي أَقْوَالِهِمْ أَيْضًا.
فَهَؤُلَاءِ عَلَامَةٌ عَلَى النِّفَاقِ فِي هَذَا الْعَصْرِ؛ يُظْهِرُونَ شَيْئًا وَيُبْطِنُونَ غَيْرَهُ, وَيَأْخُذُونَ بِالتَّقِيَّةِ, وَيَتَّهِمُونَ كِتَابَ رَبِّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالنَّقْصِ, وَيَتَّهِمُونَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ بِالْكُفْرِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْخَنَا وَالْفُحْشِ!!
وَإِذَا جَلَسْتَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ نَاظَرْتَهُ يَقُولُ: أَنَا عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ؛ يُبْطِنُ كُفْرَهُ, وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ لَكَ؛ فَإِذَا جَلَسَ مَعَ شَيَاطِينِهِ أَبْدَى كُفْرَهُ غَيْرَ مُحْتَشِمٍ.
هُنَالِكَ أَيْضًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ كَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْمُنَظَّمَاتِ الْكُفْرِيَّةِ الَّتِي تُنَادِي بِتَحْكِيمِ الشَّرَائِعِ الْبَاطِلَةِ فِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَالشُّيُوعِيَّةِ، وَالرَّأْسِمَالِيَّةِ، وَالْقَوْمِيَّةِ، وَالْعَلْمَانِيَّةِ، وَالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ, وَمَا أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ!
وَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ قَادَتِهِمْ، وَمُنَظِّرِيهِمْ.
يَعْنِي: هَلْ هُنَالِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيِّ مَكَانٍ فِي الْأَرْضِ يَشُكُّ فِي كُفْرِ (لِينِين)، وَ(مَارْكِس)، وَ(أَنْجِيلْز)، وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَأَضْرَابِهِمْ؟!
وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَخْدُوعِينَ رُبَّمَا دَخَلَ فِي تِلْكَ الْأَحْزَابِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْحَالِ، فَلَا بُدَّ عِنْدَ تَنْزِيلِ الْحُكْمِ عَلَى الْمُعَيَّنِ -كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ- مِنْ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ، وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ، وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ، هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَخْدُوعِينَ لَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ.
فَالْمَلَأُ هُمُ الْأَعْوَانُ الَّذِينَ يَسْتَبِدُّ بِهِمْ وَيَبْطِشُ بِأَيْدِيهِمْ؛ يُبِيحُونَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ؛ وَيَأْتُونَ كُلَّ مُوبِقَةٍ, وَيُدَمِّرُونَ الْإِسْلَامَ عَلَى أَهْلِهِ فِي جَمِيعِ بِقَاعِ الْأَرْضِ, وَيُحَارِبُونَ دِينَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, وَيَنْتَسِبُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ ظَاهِرًا.
فِي أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ أَنْزَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- قَوْلَهُ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14].
فَالْمُنَافِقُونَ مُنْبَثُّونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ؛ يُحَارِبُونَ دِينَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِطُرُقِهِمُ الْخَفِيَّةُ.
وَالْمُسْلِمُونَ مَخْدُوعُونَ!! حَتَّى إِنَّهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ النَّاسِ مَنْ هُوَ مَوْصُوفٌ بِالْعِلْمِ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْبَنَانِ يُدَافِعُ عَنِ الرَّوَافِضِ, وَيُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَهُمْ بَيْنَ صُفُوفِ أَهْلِ السُّنَّةِ!!
وَيَقُولُ بِالتَّقْرِيبِ، وَيَدْعُونَ إِلَى التَّقْرِيبِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ!!
وَالْحَقُّ أَنَّ التَّقْرِيبَ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ الشِّيعَةُ لَا يُرِيدُونَ التَّقْرِيبَ؛ لِأَنَّ التَّقْرِيبَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا يَقْتَرِبُ قَلِيلًا, وَهَذَا يَقْتَرِبُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا؛ وَهَذَا كَثِيرًا؛ فَهَذَا وَهَذَا يَقَعُ مِنْهُ الْفِعْلُ نَفْسُهُ.
الشِّيعَةُ يُرِيدُونَ تَقْرِيبَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَطْ.
النِّفَاقُ الِاعْتِقَادِيُّ مُخْرِجٌ مِنَ الْمِلَّةِ.
المصدر:النِّفَاقُ... عَلَامَاتُهُ، وَخُطُورَتُهُ