عِبَادَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ


«عِبَادَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ»

فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ؛ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيلَهُ، وَأَيقَظَ أَهْلَهُ».

هَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.

قَدْ يَفْهَمُ فَاهِمٌ أَنَّ قَولَهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: «أَحْيَا لَيلَهُ» أَنَّهُ كَانَ يُحْيِي اللَّيلَ كُلَّهُ بِالصَّلَاةِ!

وَقَد رَدَّتْ هِيَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- هَذَا الفَهْمَ، فَقَالَت: «مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلَّى لَيلَةً كَامِلَةً حَتَّى أَصْبَحَ».

وَلَكِنْ «أَحْيَا لَيْلَهُ» بِالصَّلَاةِ، بِتِلَاوَةِ كِتَابِ اللهِ، بِالذِّكْرِ، بِالْفِكْرِ فِي أَحْوَالِ الآخِرَةِ، والْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْقِيَامَةِ؛ يُقَرِّبُ عَبْدَهُ، يُدْنِيهِ، يُلْقِي عَلَيْهِ كَنَفَهُ؛ يُقرِّرُهُ: «أَتَذْكُرُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَذْكُرُ ذَنْبَ كَذَا؟»

فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَي: أَذْكُرُ-، أَيْ رَبِّ أَذْكُرُ، حَتَّى إِذَا أَيْقَنَ بِالْهَلَكَةِ؛ قَالَ لَهُ رَبُّهُ -وَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ- : «قَدْ سَتَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهُ لَكَ الْيَوْمَ، وَيُؤْمَرُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ».

«أَحْيَا لَيْلَهُ»: يُحْيِي لَيْلَهُ بِالْعِبَادَةِ، لَيْسَ شَرْطًا بِالصَّلَاةِ فِي طُولِ اللَّيْلِ؛ فَمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ ﷺ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-.

وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-».

«وَجَدَّ» فِي الْعِبَادَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْعَادَةِ.

«وَجَدَّ» وَهُوَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ!

«وَجَدَّ» فِي الْعِبَادَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْعَادَةِ.

«وَشَدَّ الْمِئْزَرَ»: لِلتَّفَرُّغِ لِلْعِبَادَةِ؛ بِالتَّشْمِيرِ، بِالِاجْتِهَادِ، أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ.

«وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ ﷺ».

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي العَشْرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيرِهِ»؛ لِأَنَّهُ ﷺ كَانَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.

 

المصدر:فَضْلُ العَشْرِ الأَوَاخِرِ ولَيلَةِ القَدْرِ وَأَحْكَامُ زَكَاةِ الفِطْرِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ
  الْأَمْوَالُ وَالْأَوْلَادُ ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ!!
  لِينُ الْكَلَامِ وَحُسْنُهُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ
  تَجْرِيمُ الْأَعْمَالِ الْإِرْهَابِيَّةِ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ
  بَيْنَ الِابْنِ وَأُمِّهِ!!
  المَوْعِظَةُ الْعِشْرُونَ : ((فَضْلُ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ الْمُسْلِمِ: حَقُّهُ فِي الْحَيَاةِ
  ثَمَرَاتُ الْمَاءِ الْعَظِيمَةُ فِي الْحَيَاةِ
  الحُبُّ الفِطْرِيُّ لِلْأَوْطَانِ
  ضَوَابِطُ تَرْبِيَةِ الْيَتِيمِ وَتَأْدِيبِهِ
  الصِّفَاتُ الْوَاجِبُ تَوْفُّرِهَا فِي الشَّبَابِ لِبِنَاءِ الْأُمَّةِ
  الْمُعَامَلَةُ بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، وَالْعَدْلِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَالِمِينَ
  حَادِثَةُ الْإِفْكِ أَخْطَرُ شَائِعَةٍ فِي تَارِيخِ الْإِسْلَامِ
  حُبُّ الْوَطَنِ غَرِيزَةٌ مُتَأَصِّلَةٌ فِي النُّفُوسِ السَّوِيَّةِ
  كُبْرَى مُقَدَّسَاتِ الْمُسْلِمِينَ فِي خَطَرٍ عَظِيمٍ الْيَوْمَ!
  • شارك