الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مِنَّةُ اللهِ عَلَى كُلِّ الْبَشَرِيَّةِ


((الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مِنَّةُ اللهِ عَلَى كُلِّ الْبَشَرِيَّةِ))

فَإِنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ أَكْبَرُ مِنَنِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، بَلْ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ كُلِّهَا، وَقَدْ امْتَنَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ وَعَلَى قَوْمِهِ.

وَذَكَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ أَنَّ الْقُرْآنَ رِفْعَةٌ وَسُؤْدَدٌ، وَفَخْرٌ وَفَخَارٌ لِنَبِيِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَلِهَذِهِ الْأُمَّةِ، {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]: وَإِنَّهُ لَفَخَارٌ وَشَرَفٌ، وَسُؤْدَدٌ وَعِزَّةٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ هِدَايَةً وَنُورًا.

الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ هُوَ خَاتَمُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَأَعْظَمِهَا عِنْدَ اللهِ، الَّذِي نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، قَالَ تَعَالَى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} [الشعراء: 193-195].

عِبَادَ اللهِ! الْقُرْآنُ كَلَامُ اللهِ حَقِيقَةً, أَنْزَلَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَلَى قَلْبِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَهُوَ الْمُعْجِزَةُ الْبَاقِيَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ, فَلَيْسَ لِنَبِيٍّ مُعْجِزَةٌ بَاقِيَةٌ مِنْ بَعْدِ عَصْرِهِ وَأَوَانِهِ.

فَالنَّبِيُّ ﷺ جَاءَ بِمُعْجِزَاتٍ حِسِّيَّةٍ لَا تُحْصَى وَلَا تُسْتَقْصَى, وَجَاءَ بِالْمُعْجِزَةِ الْفَذَّةِ الْفَرْدِ بِمُعْجِزَةِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ, كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ ﷺ فِيمَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ ﷺ ، قَالَ ﷺ: ((مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ -أَيْ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ- مَا عَلَى مِثْلِهِ آمَنَ الْبَشَرُ, وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ, فَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ  ﷺ )).

مَا مِنْ نَبِيٍّ أُرْسِلَ مِنْ قَبْلِي إِلَّا آتَاهُ اللهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَاتِ مَا عَلَى مِثْلِهِ آمَنَ الْبَشَرُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا وَرَسُولًا.

 فَالنَّبِيُّ ﷺ يُقَرِّرُ هَذَا لِإِخْوَانِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ السَّابِقِينَ.

لَقَدْ أُوتِيَ النَّبِيُّ ﷺ مِثْلَ مَا أُوتِيَ الْأَنْبِيَاءُ السَّابِقُونَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ مُعْجِزَةً بِمُعْجِزَةٍ.

 أَرْبَتْ مُعْجِزَاتُهُ الْحِسِّيَّةُ عَلَى الْأَلْفِ كَمَا قَالَ الْعُلْمَاءُ -رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْهِمْ-.

 وَأَمَّا الْمُعْجِزَةُ الْبَاقِيَةُ الَّتِي حَصَرَ فِيهَا الْكَلَامَ هَاهُنَا يَقُولُ الَّتِي انْقَضَتْ مِنَ السَّابِقِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ يَنْقَضِي مِثْلُهَا لِي, وَأَمَّا الْبَاقِي إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَهَذَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.

قَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].

قُلْ يَا رَسُولَ اللهِ لِأَئِمَّةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ تَوَهَّمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ صُنْعِكَ، وَحَاوَلُوا إِغْرَاءَكَ بِتَبْدِيلِ مَا كَرِهُوا مِنَ الْقُرْآنِ، قُلْ لَهُمْ: أُقْسِمُ لَكُمْ لَئِنْ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ فِي إِعْجَازِهِ الْبَيَانِيِّ وَالْعِلْمِيِّ وَالتَّشْرِيعِيِّ وَفِي سَائِرِ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ؛ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مُعِينًا.

 

المصدر:الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَأَثَرُهُ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَرْسِيخِ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
  الِاسْتِغَاثَةُ الْمَشْرُوعَةُ وَالِاسْتِغَاثَةُ الْمَمْنُوعَةُ
  الْمَوْعِظَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((فَضَائِلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ))
  خُلُقُ التَّوَاضُعِ فِي الْحَجِّ، وَالنَّبِيُّ ﷺ سَيِّدُ الْمُتَوَاضِعِينَ
  المَوْعِظَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : ((رَمَضَانُ شَهْرُ الْجَوَدِ وَالْكَرَمِ وَالْعَطَاءِ))
  خُطُورَةُ الشَّائِعَاتِ عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ
  بَرَاءَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ جَرَائِمِ الْجَمَاعَاتِ الْمُتَطَرِّفَةِ
  اتَّقُوا اللهَ فِي مِصْرَ وَاحْذَرُوا الْفَوْضَى!!
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: رِعَايَةُ الْأَيْتَامِ وَالْفُقَرَاءِ
  أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
  قَضَاءُ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ سَبَبٌ فِي تَقْيِيدِ النِّعَمِ عِنْدَ الْعَبْدِ
  الحث على بِرِّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنَ الأَرْحَامِ
  خُلُقُ الْوَفَاءِ
  لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ الْعَفُوِّ الْكَرِيمِ!
  تَزْكِيَةُ النَّفْسِ سَبِيلُ الْفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ
  • شارك