((تَعْظِيمُ الْمَسَاجِدِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ))
*الْمَسَاجِدُ للهِ وَحْدَهُ، وَإِضَافَتُهَا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ إِضَافَةُ تَعْظِيمٍ وَتَشْرِيفٍ:
قَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18].
وَأَنَّ السُّجُودَ وَالْمَوَاضِعَ الَّتِي بُنِيَتْ لِلصَّلَاةِ، وَالْعِبَادَةِ، وَذِكْرِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- للهِ وَحْدَهُ، فَلَا تَعْبُدُوا أَيُّهَا الْإِنْسُ وَالْجِنُّ مَعَ اللهِ تَعَالَى أَحَدًا، وَأَخْلِصُوا الدُّعَاءَ لَهُ.
*الْمَسَاجِدُ مَرْفُوعٌ بُنْيَانُهَا بِإِذْنِ اللهِ، وَمَعَالِمُ لِبُلْدَانِ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ:
قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 36].
بُيُوتُ اللهِ الَّتِي أَذِنَ اللهُ بِرَفْعِ بُنْيَانِهَا؛ لِيَكُونَ إِعْلَاؤُهَا مَعَالِمَ بَارِزَةً لِبُلْدَانِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَلِجَذْبِ النَّاسِ إِلَيْهَا، وَتَأْلِيفِ قُلُوبِهِمْ عَلَيْهَا، وَأَمَرَ بِأَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، يُنَزِّهُهُ سُبْحَانَهُ، وَيَذْكُرُهُ فِي بُيُوتِهِ الْمُضَافَةِ إِلَيْهِ؛ بِالْغُدْوَةِ: مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْآصَالِ: حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ مَسَاءً حَتَّى الْغُرُوبَ.
*الْمُؤْمِنُونَ الْأَتْقِيَاءُ الْمُهْتَدُونَ عُمَّارُ بُيُوتِ الرَّحْمَنِ:
قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18].
لَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ عِمَارَةً مَعْنَوِيَّةً بِعِبَادَةِ اللهِ فِيهَا وَالدَّعْوَةِ وَالتَّعْلِيمِ، وَعِمَارَةً مَادِّيَّةً بِبِنَائِهَا وَتَرْمِيمِهَا وَتَنْظِيفِهَا إِلَّا مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ الْأَرْبَعَةِ الْجَامِعَةِ لْخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ:
*الْوَصْفُ الْأَوَّلُ: مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَحْدَهُ، وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا فِيهِ؛ مِنْ بَعْثٍ، وَحَشْرٍ، وَحِسَابٍ، وَجَنَّةٍ وَنَارٍ، آمَنَ بِذَلِكَ إِيمَانًا صَحِيحًا.
*وَالْوَصْفُ الثَّانِي: أَقَامَ الصَّلَاةَ فِي أَوْقَاتِهَا بِحُدُودِهَا، وَإِتْمَامِ أَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَآدَابِهَا.
*وَالْوَصْفُ الثَّالِثُ: آتَى الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ لِمُسْتَحِقِّيهَا، طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ.
*وَالْوَصْفُ الرَّابِعُ: لَمْ يَخَفْ فِي الدِّينِ غَيْرَ اللهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ أَمْرَ اللهِ لِخَشْيَةِ النَّاسِ.
وَأُولَئِكَ الْفُضَلَاءُ رَفِيعُو الْمَنْزِلَةِ هُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ الْمُهْتَدُونَ الْمُتَمَسِّكُونَ بِطَاعَةِ اللهِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ.
*وَعِيدٌ شَدِيدٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِمَنْ تَعَدَّى عَلَى مَسَاجِدِ اللهِ بِالْهَدْمِ وَالتَّخْرِيبِ:
قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [ البقرة: 114].
لَا أَحَدَ أَكْفَرُ وَأَبْغَضُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ؛ كَرَاهَةَ أَنْ يُعْبَدَ وَيُصَلَّى لَهُ فِيهَا، وَأَنْ يُذْكَرَ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ، وَجَدَّ فِي خَرَابِهَا بِالْهَدْمِ أَوْ الْإِغْلَاقِ، أَوْ بِمَنْعِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهَا.
أُولَئِكَ الْبُعَدَاءُ عَنْ رَحْمَةِ اللهِ، الَّذِينَ مَنَعُوا مَسَاجِدَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ؛ مَا كَانَ يَسُوغُ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا مَسَاجِدَ اللهِ إِلَّا خَائِفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَبْطِشُوا بِهِمْ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَوْلُوا عَلَيْهَا وَيَمْنَعُوا الْمُؤْمِنِينَ مِنْهَا، لَهُمْ صَغَارٌ وَذُلٌّ وَمَهَانَةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، جَزَاءَ اسْتِكْبَارِهِمْ، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ فِي النَّارِ.
المصدر:الدِّفَاعُ عَنِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَمَنْزِلَةُ الْمَسَاجِدِ وَوُجُوبُ حِمَايَتِهَا فِي الْإِسْلَامِ