رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ وَشَرْعِهِ بِالْأُمَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ


((رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ وَشَرْعِهِ بِالْأُمَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ))

لَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى الْعَبْدِ الصَّبْرَ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُصَابِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُدُودِ الصَّبْرِ مَخْرَجًا.

وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ هَذَا الصَّبْرَ عَلَى الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى؛ فَإِذَا وَقَعَتْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ فَالصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى بِمَعْرِفَةِ النَّبَأِ وَبُلُوغِ الْخَبَرِ أَوْ مُعَايَنَةِ ذَلِكَ وَمُشَاهَدَتِهِ.

فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَصْبِرَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ؛ فَإِذَا وَقَعَتِ الْمُصِيبَةُ قَالَ: ((إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ))؛ ثُمَّ يَأْتِي بِمَا قَالَ النَّبِيُّ الْمَأْمُونُ ﷺ:((اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا)).

وَكَانَ هَدْيُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْجَنَائِزِ أَكْمَلَ الْهَدْيِ، مُشْتَمِلًا عَلَى الْإِحْسَانِ لِلْمَيِّتِ، وَمُعَامَلَتِهِ بِمَا يَنْفَعُهُ فِي قَبْرِهِ، وَيَوْمَ مَعَادِهِ، وَعَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ، وَعَلَى إِقَامَةِ عُبُودِيَّةِ الْحَيِّ للهِ وَحْدَهُ فِيمَا يُعَامِلُ بِهِ الْمَيِّتَ، وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَسُؤَالِ اللهِ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ لَهُ، وَالتَّجَاوُزِ عَنْهُ، ثُمَّ تَشْيِيعه إِلَى أَنْ يُودَعَ قَبْرَهُ، ثُمَّ سُؤَاله الله لَهُ التَّثْبِيتَ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهِ، ثُمَّ تَعَاهده بِالزِّيَارَةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، وَالدُّعَاء لَهُ كَمَا يَتَعَاهَدُ الْحَيُّ صَاحِبَهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا.

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ ﷺ: الْخُشُوعُ، وَحُزْنُ الْقَلْبِ، وَدَمْعُ الْعَيْنِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: ((تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ)). الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَسَنَّ لِأُمَّتِهِ الْحَمْدَ وَالِاسْتِرْجَاعَ وَالرِّضَا عَنِ اللهِ، وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ يَوْمَ مَاتَ وَلَدُهُ إِبْرَاهِيم، رَأْفَةً مِنْهُ، وَرَحْمَةً لِلْوَلَدِ، وَرِقَّةً عَلَيْهِ، وَالْقَلْبُ مُمْتَلِئٌ بِالرِّضَا عَنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَالشُّكْرُ لَهُ، وَاللِّسَانُ مُشْتَغِلٌ بِذِكْرِهِ وَحَمْدِهِ.

 

المصدر: مُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، فَلْنَحْمَلْ رَحْمَتَهُ لِلْعَالَمِينَ 

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْمَعْنَى الْحَقُّ لِاسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ: هَجْرُ الْبِدَعِ إِلَى السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ
  دَوْرُ الِابْتِلَاءِ فِي تَرْبِيَةِ النُّفُوسِ
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: هَجْرُ آفَاتِ الْقُلُوبِ وَاللِّسَانِ
  الْأَهْدَافُ السِّيَاسِيَّةُ الْإِسْرَائِيلِيَّةُ فِي الْقُدْسِ
  «بِدْعَةُ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ» لفضيلةِ الشَّيخ العلَّامة: ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-.
  فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ
  الْهِجْرَةُ إِلَى الْحَبَشَةِ أَوَّلُ هِجْرَةٍ فِي الْإِسْلَامِ
  حَثُّ النَّبِيِّ عَلَى العَمَلِ وَتَعْمِيرِ الْأَرْضِ فِي سُنَّتِهِ
  أَحْكَامُ زَكَاةِ الفِطْرِ
  مِنْ آدَابِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمَةِ: إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَإِعَانَةُ الضُّعَفَاءِ وَذَوِي الِاحْتِيَاجَاتِ الْخَاصَّةِ
  الْإِسْلَامُ رَحْمَةٌ فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ
  مِنْ فَوَائِدِ الصِّيَامِ وَمَقَاصِدِهِ
  اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ مِنْ عِبَادِهِ
  حُرْمَةُ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَأَدِلَّتُهَا
  • شارك