((الْآثَارُ الْخَطِيرَةُ وَالثَّمَرَاتُ الْمُرَّةُ لِلتَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ))
مِنْ أَخْطَرِ نَتَائِجِ التَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ فِي هَذَا الْعَصْرِ:
1*فُشُوُّ ظَاهِرَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ مُوجِبٍ:
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا ابْتُلِيَ بِهِ المُسْلِمُونَ التَّكْفِيرَ بِلَا مُوُجِبٍ، وَقَدْ وَقَعَ في ذَلِكَ الخَوَارجُ قَدِيمًا، وَمَا زَالَ وَاقِعًا مِمَّنَ تَبِعَ الخَوَارِجَ وَنَهَجَ نَهْجَهُمْ، مِنْ حُدَثَاءِ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءِ الأَحْلَامِ، وَأَكْثَرُ هَؤُلَاءِ لَا يَعْلَمُونَ خُطُورَةَ النَّتَائِجِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى التَّكْفِيرِ.
وَهِيَ نَتَائِجُ مِنَ الخُطُورَةِ فِي غَايَةٍ، وَمِنْهَا:
*وُجُوبُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ المُكَفَّرِ وَزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ المُسْلِمَةَ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لِكَافِرٍ بِالإِجْمَاعِ المُتَيَقَّنِ.
*ومنها أنَّ أَوْلَادَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْقَوْا تَحْتَ وِلَايَتِهِ وَسُلْطَانِهِ؛ لِأَنَّهُ بِكُفْرِهِ أَصْبَحَ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِم، وَقَدْ يُؤَثِّرُ عَلَيْهِمْ بِكُفْرِهِ.
*وَمنها أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي وِلَايَةِ المُجْتَمَعِ المُسْلِمِ وَنُصْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِ وَمَرَقَ مِنْهُ بِالكُفْرِ الصَّرِيحِ وَالرِّدَّةِ البَوَاحِ.
*ومنها أَنَّهُ تَجِبُ مُحَاكَمَتُهُ أَمَامَ القَضَاءِ الإِسْلَامِيِّ لِيُنَفَّذَ فَيهِ حُكْمَ المُرْتَدِّ، بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ وَإِزَالَةِ الشُّبُهَاتِ عَنْهُ، وَإِقَامَةِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ.
*وَمنها أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ لَا تُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ المُسْلِمِينَ، فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، وَلَا يُوَرَّثُ.
*ومنها أَنَّهُ لَا يَرِثُ مُوَرِّثَهُ إِذَا مَاتَ مُوَرِّثٌ لَهُ.
*ومنها وهي أَخْطَرُ النَتَائِجِ وهي المَوْتُ عَلَى الكُفْرِ: أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلَعْنَةِ اللهِ وَالطَّرْدِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَمُوجِبٌ لِلْخُلُودِ الأَبَدِيِّ فِي النَّارِ.
وَلِخُطُورَةِ آثَارِ تَكْفِيرِ المُسْلِمِينَ العَظِيمَةِ، زَجَرَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وَنَهَى نَهْيًّا عَظِيمًا.
عِبَادَ اللهِ! التَّكْفِيرُ بِلَا مُوجِبٍ وَلَا دَلِيلٍ مِنْ أَخْطَرِ البِدَعِ وَأَشَدِّهَا وَبَالًا عَلَى المُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ التَّكْفِيرِيِّينَ يَسْتَبِيحُونَ الدِّمَاءَ وَالأَمْوَالَ وَالأَعْرَاضَ المَعْصُومَةَ بِالإِسْلَامِ، وَيَتَقَرَّبُونَ بِذَلِكَ إِلَى اللهِ تعالى بِزَعْمِهِمْ، مُعْتَقِدِينَ أَنَّ لَهُمْ بِهِ أَعْظَمَ الأَجْرِ وَأَجَلَّ المَثُوبَةِ عِنْدَ اللهِ.
2*الْإِرْهَابُ وَالتَّفْجِيرَاتُ وَسَفْكُ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ.
لَقَدْ أَصْدَرَ الْمَجْمَعُ الْفِقْهِيُّ فِي إِحْدَى دَوَرَاتِهِ: إِنَّ التَّطَرُّفَ وَالْعُنْفَ وَالْإِرْهَابَ لَيْسَ مِنَ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ، بَلْ هِيَ أَعْمَالٌ خَطِيرَةٌ، لَهَا آثَارٌ فَاحِشَةٌ، وَفِيهَا اعْتِدَاءٌ عَلَى الْإِنْسَانِ وَظُلْمٌ لَهُ.
وَمَنْ تَأَمَّلَ مَصْدَرَيِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ كِتَابَ اللهِ الْكَرِيمِ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ الْعَظِيمِ ﷺ، فَلَنْ يَجِدَ فِيهِمَا شَيْئًا مِنْ مَعَانِي التَّطَرُّفِ وَالْعُنْفِ وَالْإِرْهَابِ الَّذِي يَعْنِي الِاعْتِدَاءَ عَلَى الْآخَرِينَ دُونَ وَجْهِ حَقٍّ.
وَحِرْصًا مِنْ أَعْضَاءِ الْمَجْمَعِ عَلَى وَضْعِ تَعْرِيفٍ إِسْلَامِيٍّ لِلْإِرْهَابِ تَتَوَحَّدُ عَلَيْهِ رُؤَى الْمُسْلِمِينَ وَمَوَاقِفُهُمْ، وَلِبَيَانِ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَإِبْرَازِ خُطُورَةِ الرَّبْطِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالتَّطَرُّفِ وَالْإِرْهَابِ، يُقَدِّمُ الْمَجْمَعُ الْفِقْهِيُّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْعَالَمِ أَجْمَعَ تَعْرِيفًا لِلْإِرْهَابِ، وَمَوْقِفِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ:
الْإِرْهَابُ هُوَ: الْعُدْوَانُ الَّذِي يُمَارِسُهُ أَفْرَادٌ أَوْ جَمَاعَاتٌ أَوْ دُوَلٌ بَغْيًا عَلَى الْإِنْسَانِ دِينِهِ وَدَمِهِ وَعَقْلِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ.
وَيَشْمَلُ صُنُوفَ التَّخْوِيفِ وَالْأَذَى وَالتَّهْدِيدِ وَالْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمَا يَتَّصِلُ بِصُوَرِ الْحِرَابَةِ وَإِخَافَةِ السَّبِيلِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ.
وَكُلُّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الْعُنْفِ أَوِ التَّهْدِيدِ يَقَعُ تَنْفِيذًا لِمَشْرُوعٍ إِجْرَامِيٍّ فَرْدِيٍّ أَوْ جَمَاعِيٍّ وَيَهْدُفُ إِلَى إِلْقَاءِ الرُّعْبِ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ تَرْوِيعِهِمْ بِإِيذَائِهِمْ أَوْ تَعْرِيضِ حَيَاتِهِمْ أَوْ حُرِّيَّتِهِمْ أَوْ أَمْنِهِمْ أَوْ أَحْوَالِهِمْ لِلْخَطَرِ.
وَمِنْ صُنُوفِهِ إِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْبِيئَةِ أَوْ بِأَحَدِ الْمَرَافِقِ أَوِ الْأَمْلَاكِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، أَوْ تَعْرِيضِ أَحَدِ الْمَوَارِدِ الْوَطَنِيَّةِ أَوِ الطَّبِيعِيَّةِ لِلْخَطَرِ.
فَكُلُّ هَذَا مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي نَهَى اللهُ الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77].
فَالْإِرْهَابُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ (أَرْهَبَ)؛ أَيْ: أَخَافَ، وَمَصْدَرُ مُفْرَدَاتِهَا: كَـ(أَفْزَعَ، وَرَوَّعَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ).
قَالَ الرَّاغِبُ: الرَّهْبَةُ وَالرُّهُبُ: مَخَافَةٌ مَعَ تَحَرُّزٍ وَاضْطِرَابٍ، قَالَ تَعَالَى: {واضمم إليك جناحك من الرهب}، وَقُرِئَ: {من الرهب}؛ أَيِ: الْفَزَعِ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ تَعَدَّدَتِ التَّعْرِيفَاتُ حَوْلَهُ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيفَ الْأَقْرَبَ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ: (الْإِرْهَابُ): جَمِيعُ الْمُمَارَسَاتِ الْعُدْوَانِيَّةِ بِشَتَّى صُوَرِهَا الَّتِي حَرَّمَهَا الْإِسْلَامُ وَحَذَّرَ مِنْهَا وَمَنَعَهَا، فَهَذَا كُلُّهُ إِرْهَابٌ.
فَمُسَمَّى الْإِرْهَابِ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ الْأَعْمَالِ الْعُدْوَانِيَّةِ الَّتِي تُحْدِثُ الْخَوْفَ فِي الْقُلُوبِ، وَالرَّهْبَةَ فِي النُّفُوسِ، وَالِاضْطِرَابَ فِي الْأَمْنِ، وَالْفَسَادَ فِي الْبِلَادِ، وَلَكِنَّ الَّذِي لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَنْ يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً ضِدَّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ.
فَالْإِرْهَابُ صِنَاعَةٌ غَرْبِيَّةٌ غَرِيبَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَتَتْ مِنْ خَارِجِ بُلْدَانِهِمْ، وَهِيَ مِنْ صُنْعِ أَعْدَاءِ اللهِ الْمَاكِرِينَ، لِيَكُونَ ذَلِكَ دَافِعًا لَهُمْ لِلْوُقُوفِ أَمَامَ الْمَدِّ الْإِسْلَامِيِّ الْجَارِفِ عَلَى مُسْتَوَى الْعَالَمِ كُلِّهِ.
وَكَلِمَةُ الْإِرْهَابِ: هِيَ قَتْلُ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَخْوِيفُ الْآمِنِينَ، وَهَتْكُ حُرْمَةِ الْمُعَاهَدِينَ، وَاسْتِهْدَافُ الْأَبْرِيَاءِ، وَتَدْمِيرُ الْمُنْشَآتِ، وَتَشْوِيهُ سُمْعَةِ الدِّينِ الْعَظِيمِ.
فَكُلُّ أَعْمَالِ الْعُنْفِ الَّتِي تُرْتَكَبُ بِاسْمِ الْإِسْلَامِ، تَجُرُّ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَتَاهَاتٍ مُعْتِمَةٍ، وَمَشَاكِلَ جَمَّةٍ، وَتَسْتَعْدِي عَلَيْهِمُ الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ، وَتَجْلِبُ لَهُمُ الْمَشَقَّةَ وَالْعَنَتَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ وَاضِحٌ لِلْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ.
مِنْ آثَارِ الْإِرْهَابِ الَّتِي يَرَاهَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ:
هَلَاكُ الْأَنْفُسِ وَإِهْلَاكُهَا.
تَدْمِيرُ الْمُمْتَلَكَاتِ.
تَحْطِيمُ الْمُنْشَآتِ.
نَشْرُ الْخَوْفِ وَالرُّعْبِ.
زَرْعُ الضَّغِينَةِ وَالْبَغْضَاءِ.
تَحْجِيرُ الْخَيْرِ.
إِضْعَافُ الْأُمَّةِ وَتَبْدِيدُ مَكَاسِبِهَا.
تَسَلُّطُ أَعْدَاءِ اللهِ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.
فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْضَى لِنَفْسِهِ وَيَرْضَى لِغَيْرِهِ تِلْكَ الْأُمُورَ؟!
اللهُ تَعَالَى رَفَعَ عَنْ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ الْعَنَتَ وَالْحَرَجَ، وَنُصْرَةُ دِينِ اللهِ تَعَالَى، وَإِعْزَازُ شَرِيعَتِهِ لَا يَكُونُ بِبَثِّ الْخَوْفِ وَالرُّعْبِ، أَوِ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، أَوْ بِإِلْقَاءِ الْأَنْفُسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ أَوِ التَّضْحِيَةِ بِالنَّفْسِ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ، كُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا جَاءَ بِهِ دِينُ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا جَاءَ الْإِسْلَامُ لِيَحْمِيَ لِلنَّاسِ ضَرُورَاتِهِمْ، وَيَعْمَلَ عَلَى حِفْظِهَا، وَيَنْشُرَ الْأَمْنَ وَالْعَدْلَ وَالسَّعَادَةَ بَيْنَ أَرْجَاءِ الْأَرْضِ كُلِّهَا.
*بَعْضُ سَلْبِيَّاتِ الْإِرْهَابِ النَّاتِجِ عَنِ التَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ وَالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ:
*مِنْ سَلْبِيَّاتِ الْإِرْهَابِ: قَتْلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُعَاهَدِينَ: فَمَنْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
وَخَالَفَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ: ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ)). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
*وَمِنْ سَلْبِيَّاتِ الْإِرْهَابِ: الْخِيَانَةُ وَالْغَدْرُ وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْأَبْرِيَاءِ، وَتَخْوِيفُ وَتَرْوِيعُ الْآمِنِينَ، فَالَّذِي يَقُومُ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ يَكُونُ خَائِنًا لِأُمَّتِهِ، غَادِرًا خَائِنًا لِإِخْوَانِهِ، يَجْنِي عَلَى الْأَنْفُسِ الْمَعْصُومَةِ بِغَيْرِ وَجْهِ حَقٍّ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِمَا أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ الْحَنِيفُ.
الْإِرْهَابُ مُحَرَّمٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِشَتَّى صُوَرِهِ، بَلْ لَعَلَّهُ لَمْ تُوجَدْ قَضِيَّةٌ مُعَاصِرَةٌ يَكُونُ عَلَيْهَا مِنَ الْإِجْمَاعِ مِثْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى حُرْمَةِ أَعْمَالِ الْإِرْهَابِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَقْتَدِي بِأَفْضَلِ الْخَلْقِ مُحَمَّدٍ ﷺ أَنْ يُغَامِرَ بِنَفْسِهِ وَدِينِهِ، إِلَى حَافَّةِ الْهَاوِيَةِ وَمَصِيرِ الْهَلَاكِ.
3*مِنْ أَكْبَرِ وَأَخْطَرِ نَتَائِجِ وَمَظَاهِرِ التَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ فِي عَصْرِنَا: ظَاهِرَةُ الْإِلْحَادِ.
وَالْإِلْحَادُ: هُوَ مَذْهَبٌ فَلْسَفِيٌّ يَقُومُ عَلَى فِكْرَةٍ عَدَمِيَّةٍ أَسَاسُهَا إِنْكَارُ وُجُودِ اللهِ الْخَالِقِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ دُوَلِ الْعَالَمِ الْغَرْبِيِّ وَالشَّرْقِيِّ تُعَانِي مِنْ نَزْعَةٍ إِلْحَاديةٍ عَارِمَةٍ، جَسَّدَتْهَا الشُّيُوعِيَّةُ الْمُنْهَارَةُ، وَتُجَسِّدُهَا الْعَلْمَانِيَّةُ الْمُخَادِعَةُ.
وَالْإِلْحَادُ بِدْعَةٌ جَدِيدَةٌ لَمْ تُوجَدْ فِي الْقَدِيمِ إِلَّا فِي النَّادِرِ فِي بَعْضِ الْأُمَمِ وَالْأَفْرَادِ.
الْإِلْحَادُ -فِي هَذَا الْعَصْرِ- لَهُ مَوَاقِعُ، وَلَهُ كُتُبٌ، وَلَهُ نَشْرَاتٌ، وَلَهُ مَرَاكِزُ، وَهُمْ يَرَوِّجُونَهُ بَيْنَ الشَّبَابِ، وَالشَّبَابُ قَدْ فُرِّغَ مِنْ ثَقَافِتِهِ بَلْ فُرِّغَ مِنْ عَقِيدَتِهِ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ الشُّبَهَاتِ عَنْ نَفْسِهِ، وَرُبَّمَا صَدَّقَ أَنَّهَا مِنَ الْحَقَائِقِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْجِدَالَ، مَعَ أَنَّهَا أَوْهَامٌ فِي أَوْهَامٍ.
يَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ تُحَصِّنَ نَفْسَكَ، ثُمَّ يَنْبَغِي عَلَيْكَ كَمُسْلِمٍ سُنِّيٍّ؛ يَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ تَسْتَنْقِذَ إِخْوَانَكَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ أَمْثَالَ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ، وَهَذَا الْأَمْرُ يَتَفْشَّى الْآن، بَلْ يَنْتَشِرُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الشَّبَابِ الْمُسْلِمِ كَالنَّارِ فِي الْهَشِيمِ!!
نَحْنَ فِي هَذَا الْعَصْرِ نَحْتَاجُ إِلَى إِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ الرَّبِّ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَنْفُسِنَا؛ فَلِإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى يَثْبُتُوا عَلَى الْحَقِّ الَّذِي فَطَرَهُمُ اللهُ عَلَيْهِ، أَوْ لِمَنْ انْحَرَفَ عَنِ الْقَصْدِ فَتَكَاثَرَتْ عَلَيْهِ الشًّبُهَاتُ حَتَّى وَقَعَ في شُبْهَةٍ مِنَ الشُّبُهَاتِ الَّتِي تُخْرِجُهُ مِنَ الْجَادَّةِ إِلَى الْإِلْحَادِ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ-.
هَذَا نَحْتَاجُهُ، بَلْ نَحْتَاجُهُ احْتِيَاجًا ضَرُورِيًّا فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَمَا أَكْثَرَ مَا يَلْقَى الْإِنْسَانُ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ، وَمَا أَكْثَرَ مَا يَسْمَعُ عَنْهُمْ، وَمَا أَكْثَرَ مَا تُنْقَلُ إِلَيْهِ شُبُهاتُهُمْ، وَكُلُّهَا فَارِغَةٌ لَيْسَتْ لَهَا قِيمَةٌ، وَهِيَ قَدِيمَةٌ لَيْسَتْ بِحَدِيثَةٍ، بَلْ إِنَّ بَعْضَهُم رُبَّمَا أَلْحَدَ بِسَبَبِ أُمُورٍ غَرِيبَةٍ.
أُمُورٌ يَسِيرَةٌ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبوَّةِ أَنْ يَحْذِقَهَا فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ حَتَّى يَسْتَطِيعَ أَنْ يَقِفَ فِي وَجْهِ هَذِهِ الْهَجْمَةِ الْإِلْحَادِيَّةِ الَّتِي تَتَعَرَّضُ لَهَا الدُّولُ الْإِسْلَامِيَّةُ، يَتَعَرَّضُ لَهَا الْمُسْلِمُونَ هُنَا وَهُنَالِكَ، وَبِالْوَسَائِلِ الْحَدِيثَةِ فِي الْمَعْلُومَاتِ صَارَ هَذَا وَاصِلًا إِلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي مَكْمَنِهِ.. فِي خِدْرِهِ.
نَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْإِيمَانِ الْحَقِّ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ.
فَالْمُسْلِمُ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ فِي هَذَا الْعَصْرِ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْحِيَلِ الشَّيْطَانِيَّةِ الَّتِي يَنْطِقُ بِهَا مَنْ يَنْطِقُ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَيُلْقُونَهَا فِي أَسْمَاعِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَجْلِ أنْ يَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ.
المصدر: مَخَاطِرُ التَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ وَالِانِفْلَاتِ الْأَخْلَاقِيِّ