((فَضْلُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالنَّهْيُ عَنِ الظُّلْمِ فِيهَا خَاصَّةً))
وَالْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ هِيَ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ، وَشَهْرٌ مُفْرَدٌ هُوَ رَجَبٌ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ؛ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».
وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى إِبْطَالِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَبْدِيلِ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّم مَكَانَ صَفَرٍ لَئِلَّا يَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بِدُونِ قِتَالٍ، فَلِذَلِكَ قَالَ: «ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ»، وَأَمَّا إِضَافَةُ رَجَبٍ إِلَى قَبِيلَةِ مُضَرَ؛ فَلِأَنَّهَا كَانَتْ تُحَافِظُ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَشَدَّ مِنْ مُحَافَظَةِ سَائِرِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ.
وَقَدْ نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنِ الظُّلْمِ عَامَّةً وَخَصَّ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ بِالنَّهْيِ عَنْ ظُلْمِ النَّفْسِ فِيهَا خَاصَّةً، فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا0: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36]؛ أَيْ بِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَغِشْيَانِ مَا حَرَّمَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-.
المصدر : الإسلام دين الرحمة والسلام، وفضل شهر الله المحرم وصوم عاشوراء