تَوَاضُعُ الصَّالِحِينَ وَعَدَمُ الِاغْتِرَارِ بِالنَّفْسِ


تَوَاضُعُ الصَّالِحِينَ وَعَدَمُ الِاغْتِرَارِ بِالنَّفْسِ

فَقَدْ أَخْرَجَ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللهُ-: عَنْ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي فَزَارَةَ، وَكَانَ جَارًا لَنَا قَالَ: كَانَتْ أُمِّي مُقْعَدَةً مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَقَالَتْ لِي يَوْمًا: يَا بُنَيَّ، اذْهَبْ إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَاسْأَلْهُ أَنْ يَدْعُوَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ لِي عَسَى اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَتَقَبَّلَ دُعَاءَهُ فَيُبْرِئَنِي مِنَ الْمَرَضِ الَّذِي أَلَمَّ بِي.

 قَالَ: فَذَهَبْتُ، فَضَرَبْتُ الْبَابَ فَإِذَا هُوَ فِي دِهْلِيزٍ لَهُ وَرَاءَ الْبَابِ يُصَلِّي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ: مَنْ؟

 قُلْتُ: فُلَانٌ، وَقَدْ أَرْسَلَتْنِي أُمِّي وَهِيَ مُقْعَدَةٌ مُنْذُ عِشْرِينَ، تَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ اللهَ لَهَا.

 فَقَالَ: فَأَجَابَنِي مُغْضَبًا، وَقَالَ: بَلْ أَنَا أَحْوَجُ إِلَى دُعَائِهَا مِنْهَا إِلَى دُعَائِي.

 سَلْهَا أَنْ تَدْعُوَ اللهَ لِي.

 قَالَ: فَانْصَرَفْتُ فَإِذَا عَجُوزٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ أَحْمَدَ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ-، فَقَالَتْ: قَدْ تَرَكْتُهُ يَدْعُو اللهَ لَهَا.

 قَالَ: فَعُدْتُ إِلَى بَيْتِنَا، فَضَرَبْتُ الْبَابَ، فَخَرَجَتْ أُمِّي فَفَتَحَتْ لِيَ الْبَابَ)).

وَلَكَ أَنْ تَنْظُرَ فِي قَوْلِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((بَلْ أَنَا أَحْوَجُ أَنْ تَدْعُو اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ لِي مِنْ أَنْ أَدْعُوَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ لَهَا)).

فِي هَذَا النَّظَرِ إِلَى النَّفْسِ وَمُرَاعَاةِ جَانِبِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ، أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَيْهِ الْعَبْدُ الصَّادِقُ فِي سَيْرِهِ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المصدر:حُسْنُ الْخَاتِمَةِ بَيْنَ الِاجْتِهَادِ وَالتَّوْفِيقِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  نَصِيحَةُ النَّبِيِّ ﷺ لِلنِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ
  تَجْرِيمُ الْأَعْمَالِ الْإِرْهَابِيَّةِ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ
  مَعَالِمُ الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ
  كِبَارُ السِّنِّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  الْأَمَلُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  الْحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ
  مَعْرَكَةُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ ضِدَّ الْإِرْهَابِ
  الِاجْتِهَادُ فِي تَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ فِي رَمَضَانَ
  إِيمَانُ الْأُمَّةِ وَوَحْدَتُهَا سَبِيلُ عِزَّتِهَا وَحِمَايَةِ مُقَدَّسَاتِهَا
  أَخْطَرُ الشَّائِعَاتِ فِي تَارِيخِ الْمُسْلِمِينَ وَآثَارُهَا
  مَعَانِي التَّضْحِيَةُ فِي دِينِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  بَابُ الانْكِسَارِ هُوَ أَوْسَعُ بَابٍ لِلْقُدُومِ عَلَى اللهِ
  مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ
  أَوْلَى الْكِبَارِ بِالْبِرِّ الْوَالِدَانِ
  الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ
  • شارك