((إِدْمَانُ الْإِنْتَرْنِت وَمَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ!!))
الْفَصْلُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ هُوَ الْمُشْكِلَةُ الَّتِي تُوَاجِهُ أَهْلَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْعَصْرِ، كَلَامٌ كَثِيرٌ!!
وَتَأَمَّلْ فِي الَّذِينَ يَقْضُونَ لَيَالِيَهُمْ بِطُولِهَا بِطَرِيقَةٍ هِيَ طَرِيقَةُ الْمُدْمِنِينَ.
وَالْإِدْمَانُ لَا يَتَعَلَّقُ فَقَطْ بِالْمُخَدِّرَاتِ، وَلَا بِالْمُفَتِّرَاتِ، وَلَا بِالْمُسْكِرَاتِ، بَلِ الْإِدْمَانُ -أَيْضًا- يَتَعَلَّقُ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ، فَقَدْ يُدْمِنُ عَادَةً مِنَ الْعَادَاتِ تَصِيرُ إِدْمَانًا حَقِيقِيًّا، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهَا، وَلَا أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْهَا، فَيَصِلُ الْأَمْرُ بِهَؤُلَاءِ فِي عُكُوفِهِمْ عَلَى أَجْهِزَتِهِمْ بِاللَّيْلِ وَبِالنَّهَارِ إِلَى حَدِّ الْإِدْمَانِ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغْلِقَ صَفْحَتَهُ -كَمَا يَقُولُونَ-، وَلَا أَنْ يُلْغِيَ حِسَابَهُ -كَمَا يَزْعَمُونَ-!! لَا يَسْتَطِيعُ..
وَلَا أَقُولُ إِنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَلَ إِلَى دَرَجَةِ اعْتِيَادِ التَّدْخِينِ -مَثَلًا-، بَلْ هِيَ إِدْمَانُ الْأَفْيُون، فَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ، وَجَرِّبْ إِنْ كُنْتَ مُبْتَلًى؛ هَلْ تَصْبِرُ؟!!
مَا هُوَ إِلَّا أَنْ يُحَرِّكَكَ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: لَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ فُلَانٌ، لَقَدْ عَرَّضَ بِكَ فُلَانٌ، لَقَدْ ذَكَرَكَ فُلَانٌ، أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ فُلَانٍ؟!! أَلَا تَدْرِي مَا وَقَعَ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ؟!! حَتَّى تَعُودَ كَالْمُدْمِنِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُفَارِقَ مَادَّةَ إِدْمَانِهِ!!
فَهَذَا مَا يُلْهِيهِمْ وَمَا يَشْغَلُهُمْ!!
هَؤُلَاءِ هُمُ الدُّعَاةُ؟!!
هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ أَمَانَةَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ؟!!
أَلَا تَرَوْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَمَاهِيرِهِمْ مِنَ الْعَوَامِّ؟!! هُمْ أَوْلَى بِوَقْتِكُمْ، عَلِّمُوهُمْ!
ادْعُوهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ!
حَذِّرُوهُمْ مِنَ الشِّرْكِ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ!
دُلُّوهُمْ إِلَى الْخَيْرِ!
عَلِّمُوهُمُ الْوُضُوءَ؛ فَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْرِفُ كَيْفَ يَتَوَضَّأُ!!
عَلِّمُوهُمُ الطَّهَارَةَ!
عَلِّمُوهُمُ الصَّلَاةَ!
عَلِّمُوهُمْ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ!
كَثِيرٌ مِمَّنْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ بِالْمَالِ لَا يَعْرِفُونَ كَيْفَ يُزَكُّونَ أَمْوَالَهُمْ؛ مَنِ الْمَسْئُولُ عَنْ هَذَا؟!!
هُمْ وَأَهْلُ الْعِلْمِ، فَهُمْ فَرَّطُوا، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ هُوَ، وَيُخَالِفُ مُخَالَفَاتٍ قَاطِعَةً تَقْضِي بِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ لِسَنَوَاتٍ مُنْذُ مَلَكَ النِّصَابَ، وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ!!
اتَّقُوا اللهَ فِيهِمْ، وَدَعُوكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ!!
اتَّقُوا اللهَ، لَا تُضَيِّعُوا أَنْفُسَكُمْ، وَلَا تُضَيِّعُوا الْأُمَّةَ، إِنَّمَا صَنَعُوا لَكُمْ مَوَاقِعَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ؛ لِيُلْهُوكُمْ، وَلِكَيْ يَأْخُذُوا مِنْكُمْ مَعْلُومَاتٍ مَا كَانَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَبْلُغَ الْوُصُولَ إِلَى عُشْرِ مِعْشَارِهَا لَوْ لَا أَنَّكُمْ تَفْعَلُونَ بِأَنْفُسِكُمْ.
أَسْمَعُ الْعَجَائِبَ!!
الرَّجُلُ يَقْضِي حَاجَتَهُ؛ يَكْتُبُ: قَضَيْتُ حَاجَتِي!! يَغْتَسِلُ؛ اغْتَسَلْتُ!!
الْمَرْأَةُ صَنَعَتِ الْيَوْمَ طَعَامًا؛ صَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا، وَمِنْ هَيْئَتِهِ كَذَا!! وَرُبَّمَا -لَا أَدْرِي مَا يَقُولُونَ- أَنْزَلَتْ.. بَعَثَتْ.. صَوَّرَتْ صُورَتَهُ وَعَرَضَتْهَا!!
مَا هَذَا الْعَبَثُ؟!!
عُمُرُكُمْ نَفِيسٌ، اتَّقُوا اللهَ فِيهِ!
اللَّحْظَةُ الَّتِي تَمُرُّ تُقَرِّبُكَ مِنَ الْقَبْرِ لَحْظَةً لَا مَحَالَةَ، الْعُمُرُ مَحْدُودٌ، اتَّقِ اللهَ فِيهِ!
إِذَا جِئْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِثَانِيَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَلَمْ تَشْغَلْهَا بِعَمَلٍ طَالِحٍ -يَعْنِي: فِي مُبَاحٍ-؛ كَانَتْ عَلَيْكَ تِرَةً وَحَسْرَةً وَنَدَامَةً؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْأَبْعَدُ كَالَّذِي يَمُرُّ فِي الطَّرِيقِ، فَيَجِدُ بَعْرَةً وَيَجِدُ دُرَّةً، فَيَتْرُكُ الدُّرَّةَ وَيَأْخُذُ الْبَعْرَةَ!! سَنَلُومُهُ؛ لَكِنْ هَلْ وَقَعَ فِي مَحْذُورٍ شَرْعِيٍّ؟ لَا نَقُولُ، فَكَذَلِكَ إِذَا مَرَّ عَلَيْكَ وَقْتٌ فِي مُبَاحٍ لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ؛ كَانَ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، خِزَانَتُهُ فَارِغَةٌ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.