مَعَانِي الْوَفَاءِ


((مَعَانِي الْوَفَاءِ))

((الْوَفَاءُ مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: وَفِى يَفِي وفاءً، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (و ف ي) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى «إِكْمَالٍ وَإِتْمَامٍ».

يَقُولُ ابْنُ فَارِسٍ: ((وَمِنْ هَذَا: الْوَفَاءُ؛ وَهُوَ إِتْمَامُ الْعَهْدِ وَإِكْمَالُ الشَّرْطِ، وَيَقُولُونَ مِنْهُ أَيْضًا: أَوْفَيْتُكَ الشَّيْءَ؛ إِذَا قَضَيْتَهُ إِيَّاهُ وَافِيًا، وَتَوَفَّيْتَ الشَّيْءَ وَاسْتَوْفَيْتَهُ؛ إِذَا أَخَذْتَهُ كُلَّهُ حَتَّى لَمْ تَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا)).

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ((الْوَفَاءُ ضِدُّ الْغَدْرِ، يُقَالُ: وَفَى بِعَهْدِهِ وَأَوْفَى بِمَعْنًى، وَوَفَى الشَّيْءُ وُفِيًّا عَلَى وَزْنِ (فُعُولٍ)؛ أَيْ تَمَّ وَكَثُرَ.

وَالْوَفِيُّ الْوَافِي، وَوَفَى عَلَى الشَّيْءِ: أَشْرَفَ، وَأَوْفَاهُ حَقَّهُ وَوَفَاهُ بِمَعْنًى، وَاسْتَوْفَى حَقَّهُ وَتَوَفَّاهُ بِمَعْنًى، وَتَوَفَّاهُ اللهُ: قَبَضَ رُوحَهُ، وَوَافَى فُلَانٌ: أَتَى، وَتَوَافَى الْقَوْمُ: تَتَامُّوا)).

قَالَ الرَّاغِبُ: ((الْوَافِي: الَّذِي بَلَغَ التَّمَامَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، يُقَالُ: دِرْهَمٌ وَافٍ وَكَيْلٌ وَافٍ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ} [الإسراء: 35].

وَوَفَى بِعَهْدِهِ وَأَوْفَى إِذَا تَمَّمَ الْعَهْدَ وَلَمْ يَنْقُضْ حِفْظَهُ، وَاشْتِقَاقُ ضِدِّهِ وَهُوَ الْغَدْرُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ وَهُوَ تَرْكُ الْحِفْظِ.

وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ جَاءَ بِصِيغَةِ الرُّبَاعِيِّ «أَوْفَى»، فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40].

وَتَوْفِيَةُ الشَّيْءِ: بَذْلُهُ وَافِيًا، وَاسْتِيفَاؤُهُ: تَنَاوُلُهُ وَافِيًا، وَقَدْ عُبِّرَ عَنِ النَّوْمِ وَالْمَوْتِ بِالتَّوَفِّي)).

((وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((وَفَتْ أُذُنُكَ وَصَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ))، كَأَنَّهُ جَعَلَ أُذُنَهُ فِي السَّمَاعِ كَالضَّامِنَةِ بِتَصْدِيقِ مَا حَكَتْ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ الْخَبْرِ صَارَتِ الْأُذُنُ كَأَنَّهَا وَافِيَةٌ بِضَمَانِهَا خَارِجَةٌ مِنَ التُّهَمَةِ فِيمَا أَدَّتْهُ إِلَى اللِّسَانِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَوْفَى اللهُ بِأُذُنِهِ))؛ أَيْ: أَظْهَرَ صِدْقَهُ فِي إِخْبَارِهِ عَمَّا سَمِعَتْ أُذُنُهُ.

وَأَوْفَى الْكَيْلَ: أَتَمَّهُ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي}، {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ}.

وَفِي الْحَدِيثِ: «فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ، كُلَّمَا قُرِضَتْ وَفَتْ»؛ أَيْ: تَمَّتْ وَطَالَتْ.

وَالْمُوَافَاةُ: أَنْ تُوَافِيَ إِنْسَانًا فِي الْمِيعَادِ، تَوَافَيْنَا فِي الْمِيعَادِ وَوَافَيْتُهُ فِيهِ)).

((وَالْوَفَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْخُلُقُ الشَّرِيفُ الْعَالِي الرَّفِيعُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: وَفَى الشَّعْرُ فَهُوَ وَافٍ إِذَا زَادَ، وَوَفَيْتُ لَهُ بِالْعَهْدِ أَفِي، وَوَافَيْتُ أُوَافِي)).

وَمِنْهُ: الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ؛ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ بُلُوغِ تَمَامِ الْكَمَالِ فِي تَنْفِيذِ كُلِّ مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللهَ، وَفِي كُلِّ مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ عِبَادَ اللهِ.

الْوَفَاءُ اصْطِلَاحًا:

قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: ((الْوَفَاءُ: هُوَ مُلَازَمَةُ طَرِيقِ الْمُوَاسَاةِ، وَمُحَافَظَةُ عُهُودِ الْخُلَطَاءِ)).

الْوَفَاءُ: هُوَ الصَّبْرُ عَلَى مَا يَبْذُلُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَرْهَنُهُ بِهِ لِسَانُهُ، وَالْخُرُوجُ مِمَّا يَضْمَنُهُ -بِمُقْتَضَى الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ عَلَى نَفْسِهِ- وَإِنْ كَانَ مُجْحِفًا بِهِ، فَلَيْسَ يُعَدُّ وَفِيًّا مَنْ لَمْ تَلْحَقْهُ بِوَفَائِهِ أَذِيَّةٌ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكُلَّمَا أَضَرَّ بِهِ الدُّخُولُ تَحْتَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي الْوَفَاءِ)).

((الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ: إِتْمَامُهُ وَعَدَمُ نَقْضِ حِفْظِهِ)).

وَ((الْوَفَاءُ: صِدْقُ اللِّسَانِ وَالْفِعْلِ مَعًا)).

 

المصدر:الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  انْحِرَافِ الشَّبَابِ.. الْوَاقِعُ وَالْعِلَاجُ
  الْوَعْيُ بِأَخْطَرِ عَدُوٍّ لِلْإِنْسَانِ
  طُولُ الْأَمَلِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  حُسْنُ الْخُلُقِ مَنْهَجٌ عَمَلِيٌّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ
  مَثَلٌ مَضْرُوبٌ فِي الْوَفَاءِ!!
  الْمَوْعِظَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((التَّوْحِيدُ أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبِيدِ))
  مُوَاسَاةُ الْمُحْتَاجِينَ وَمُسَاعَدَتُهُمْ بِالصَّدَقَاتِ
  «بِدْعَةُ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ» لفضيلةِ الشَّيخ العلَّامة: ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-.
  الْحَثُّ عَلَى الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ فِي الْإِسْلَامِ
  الزَّوَاجُ نِعْمَةٌ وَقُرْبَةٌ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  مَعْنَى الْكَلِمَةِ وَبَيَانُ أَصْلِهَا وَمَعْدِنِهَا
  الْوَطَنِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ
  الدرس الثاني عشر : «الحَيَاءُ»
  نَهْيُ الْإِسْلَامِ عَنِ الْغُلُوِّ وَالتَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ
  الْحَثُّ عَلَى رِعَايَةِ الْأَيْتَامِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  • شارك