عَاقِبَةُ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ


 ((عَاقِبَةُ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ))

إِنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُوَحِّدَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ مُلَازِمٌ لِلْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ, وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ وَهُوَ النَّافِعُ، وَبِهِ تَحْصُلُ السَّعَادَةُ، وَيُخْشَى عَلَى الْعَبْدِ مِنْ خُلَقَيْنِ رَذِيلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ الْخَوْفُ حَتَّى يَقْنُطَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَرَوْحِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَتَجَارَى بِهِ الرَّجَاءُ حَتَّى يَأْمَنَ مَكْرَ اللهِ وَعُقُوبَتَهُ, فَمَتَى بَلَغَتْ بِهِ الْحَالُ إِلَى هَذَا فَقَدْ ضَيَّعَ وَاجِبَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ الَّذَيْنِ هُمَا مِنْ أَكْبَرِ أُصُولِ التَّوْحِيدِ وَوَاجِبَاتِ الْإِيمَانِ.

*أَسْبَابُ الْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَالْيَأْسِ مِنْ رُوحِهِ:

وَلِلْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَالْيَأْسِ مِنْ رَوْحِهِ سَبَبَانِ مَحْذُورَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُسْرِفَ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَتَجَرَّأَ عَلَى الْمَحَارِمِ فَيَصْبِرُ عَلَيْهَا، وَيُصَمِّمُ عَلَى الْإِقَامَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَيَقْطَعُ طَمَعَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ؛ لِأَجْلِ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي تَمْنَعُ الرَّحْمَةَ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ هَذَا وَصْفًا وَخُلُقًا لَازِمًا.

وَهَذَا غَايَةُ مَا يُرِيدُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْعَبْدِ، وَمَتَى وَصَلَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ؛ لَمْ يُرْجَ لَهُ خَيْرٌ إِلَّا بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ وَإِقْلَاعٍ فَوْرِيٍّ.

الثَّانِي: أَنْ يَقْوَى خَوْفُ الْعَبْدِ بِمَا جَنَتْ يَدَاهُ مِنَ الْجَرَائِمِ، وَيَضْعُفَ عِلْمُهُ بِمَا للهِ مِنْ وَاسِعِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَيَظُنُّ بِجَهْلِهِ أَنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ لَهُ وَلَا يَرْحَمُهُ وَلَوْ تَابَ وَأَنَابَ، وَتَضْعُفُ إِرَادَتُهُ؛ فَيَيْأَسَ مِنَ الرَّحْمَةِ.

وَهَذَا مِنَ الْمَحَاذِيرِ الضَّارَّةِ النَّاشِئَةِ مِنْ ضَعْفِ عِلْمِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ وَمَا لَهُ مِنَ الْحُقُوقِ، وَمِنْ ضَعْفِ النَّفْسِ وَعَجْزِهَا وَمَهَانَتِهَا.

فَلَوْ عَرَفَ هَذَا رَبَّهُ، وَلَمْ يَخْلُدْ إِلَى الْكَسَلِ؛ لَعَلِمَ أَنَّ أَدْنَى سَعْيٍ يُوصِلُهُ إِلَى رَبِّهِ وَإِلَى رَحْمَتِهِ وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ.

 

المصدر:الْأَمَلُ

 

 

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الدرس العاشر : «الجُودُ وَالكَرَمُ في رَمَضَانَ»
  إِذَا انْهَارَتِ الْأَخْلَاقُ انْهَارَ الْمُجْتَمَعُ
  الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَيْتَامِ وَرِعَايَتُهُمْ
  الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَالْحَذَرُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ
  مَسْئُولِيَّةُ الْمُسْلِمِ تِجَاهَ قَضَايَا أُمَّتِهِ كَقَضِيَّةِ الْأَقْصَى
  دَلَائِلُ أَهَمِّيَّةِ الْمَاءِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  سُبُلُ مُقَاوَمَةِ الشَّائِعَاتِ شَرْعِيًّا وَاجْتِمَاعِيًّا
  حُسْنُ الخُلُقِ مِنْ كُبْرَى غَايَاتِ دِينِنَا
  الْعَمَلُ وَالتَّخْطِيطُ لِلْمُسْتَقْبَلِ الدِّينِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: رِعَايَتُهُ صِحِّيًّا
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي الْجِهَادِ
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي الْعِبَادَاتِ
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-: هَجْرُ الْفَوَاحِشِ وَالنَّظَرِ وَالسَّمَاعِ الْمُحَرَّمِ
  الْعَالَمُ الْيَوْمَ فِي حَاجَةٍ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ ﷺ
  اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ
  • شارك